الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قالت المعتزلة : الآية دلت على بطلان قول من نسب المعاصي إلى الله تعالى ؛ لأنه عليه السلام قال : ( هذا من عمل الشيطان ) فنسب المعصية إلى الشيطان ، فلو كانت بخلق الله تعالى لكانت من الله لا من الشيطان ، وهو كقول يوسف عليه السلام : ( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ( يوسف : 100 ) وقول صاحب موسى عليه السلام : ( وما أنسانيه إلا الشيطان ) ( الكهف : 63 ) .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) ففيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن ظاهره يدل على أنه قال : إنك لما أنعمت علي بهذا الإنعام ، فإني لا أكون معاونا لأحد من المجرمين ، بل أكون معاونا للمسلمين ، وهذا يدل على أن ما أقدم عليه من إعانة الإسرائيلي على القبطي كان طاعة لا معصية ، إذ لو كانت معصية ، لنزل الكلام منزلة ما إذا قيل : إنك لما أنعمت علي بقبول توبتي عن تلك المعصية ، فإني أكون مواظبا على مثل تلك المعصية .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قال القفال : كأنه أقسم بما أنعم الله عليه أن لا يظاهر مجرما ، والباء للقسم أي [ ص: 202 ] بنعمتك علي .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قال الكسائي والفراء : إنه خبر ومعناه الدعاء ، كأنه قال : فلا تجعلني ظهيرا ، قال الفراء ، وفي حرف عبد الله : ( فلا تجعلني ظهيرا ) . واعلم أن في الآية دلالة على أنه لا يجوز معاونة الظلمة والفسقة . وقال ابن عباس : لم يستثن ولم يقل : فلن أكون ظهيرا إن شاء الله ، فابتلي به في اليوم الثاني ، وهذا ضعيف ؛ لأنه في اليوم الثاني ترك الإعانة ، وإنما خاف منه ذلك العدو ، فقال : ( إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ) ( القصص : 19 ) لا أنه وقع منه .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية