الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2328 6- باب في التقدم

                                                              205 \ 2231 -عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: هل صمت من شهر شعبان شيئا؟ قال: لا، قال "فإذا أفطرت فصم يوما "

                                                              وفي رواية "يومين "


                                                              وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقد أشكل هذا على الناس: فحمله طائفة على الاحتياط لدخول رمضان، قالوا: وسرر الشهر وسراره - بكسر السين وفتحها، ثلاث لغات - وهو آخره وقت استسرار هلاله، فأمره إذا أفطر أن يصوم يوما أو يومين، عوض ما فاته من صيام سرره احتياطا.

                                                              وقالت طائفة منهم الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز: سرره أوله، وسراره أيضا، فأخبره أنه لم يصم من أوله، فأمره بقضاء ما أفطر منه.

                                                              ذكره أبو داود عن الأوزاعي وسعيد.

                                                              وأنكر جماعة هذا التفسير فرأوه غلطا قالوا: فإن سرار الشهر آخره، سمي بذلك لاستسرار القمر فيه.

                                                              [ ص: 16 ] وقالت طائفة: سرره هنا وسطه، وسر كل شيء جوفه. قال البيهقي: فعلى هذا أراد أيام البيض، هذا آخر كلامه، ورجح هذا بأن في بعض الروايات فيه: «أصمت من سرة هذا الشهر؟»، وسرته وسطه، كسرة الآدمي.

                                                              وقالت طائفة: هذا على سبيل استفهام الإنكار، والمقصود منه الزجر.

                                                              قال ابن حبان في صحيحه: وقوله: صلى الله عليه وسلم" أصمت من سرر هذا الشهر؟ " لفظة استخبار عن فعل مرادها الإعلام بنفي جواز استعمال ذلك الفعل [المستخبر] عنه، كالمنكر عليه لو فعله، وهذا كقوله لعائشة: " أتسترين الجدار ؟ " وأراد به الإنكار عليها بلفظ الاستخبار.

                                                              وأمره بصوم يومين من شوال أراد به انتهاء السرار، وذلك أن الشهر إذا كان تسعا وعشرين يستسر القمر يوما واحدا، وإذا كان الشهر ثلاثين يستسر القمر [ ص: 17 ] يومين، والوقت الذي خاطب به صلى الله عليه وسلم هذا الخطاب يشبه أن يكون عدد شعبان كان ثلاثين، فمن أجله أمر بصوم يومين من شوال.

                                                              آخر كلامه.

                                                              وقالت طائفة: لعل صوم سرر هذا الشهر كان الرجل قد أوجبه على نفسه بنذر، فأمره بالوفاء.

                                                              وقالت طائفة: لعل ذلك الرجل كان قد اعتاد صيام أواخر الشهر، فترك آخر شعبان لظنه أن صومه يكون استقبالا لرمضان، فيكون منهيا عنه، فاستحب له النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضيه، ورجح هذا بقوله: " إلا صوم كان يصومه أحدكم فليصمه "، والنهي عن التقدم لمن لا عادة له.

                                                              فيتفق الحديثان.

                                                              والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية