الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن باع الذهب بالفضة جاز التفاضل ) لعدم المجانسة ( ووجب التقابض ) [ ص: 138 ] لقوله عليه الصلاة والسلام { الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء } ( فإن افترقا في الصرف قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد ) لفوات الشرط وهو القبض ولهذا لا يصح شرط الخيار فيه ولا الأجل لأن بأحدهما لا يبقى القبض مستحقا وبالثاني يفوت القبض المستحق ، إلا إذا أسقط الخيار في المجلس فيعود إلى الجواز لارتفاعه قبل تقرره وفيه خلاف زفر رحمه الله .

التالي السابق


( قوله : وإن باع الذهب بالفضة جاز التفاضل لعدم المجانسة واشترط القبض ) لما روى الستة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي [ ص: 138 ] صلى الله عليه وسلم { الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء } قيل : ومعنى قوله ربا : أي حرام بإطلاق اسم الملزوم على اللازم ، ولا مانع من جعله في حقيقته شرعا وأن اسم الربا تضمن الزيادة من الأموال الخاصة في أحد العوضين في قرض أو بيع .

ووجه الاستدلال أنه استثنى حالة التقابض من الحرام بحصر الحل فيها فينتفي الحل في كل حالة غيرها فيدخل في عموم المستثنى حالة التفاضل والتساوي والمجازفة فيحل كل ذلك .

وقوله ( إلا إذا أسقط الخيار في المجلس ) استثناء من لازم قوله لا يصح شرط الخيار وهو فوات الشرط المستلزم للبطلان : أي شرط الخيار يفوت الشرط إلا إذا أسقطه فلا يفوت فيعود إلى الجواز .

وقدمنا نقل خلاف زفر فيه : هذا وبين الفساد بترك القبض والفساد [ ص: 139 ] بالأجل فرق على قول أبي حنيفة في مسألة ، وهي ما إذا باع جارية في عنقها طوق فضة زنته مائة بألف درهم حتى انصرف للطوق مائة من الألف فيصير صرفا فيه وتسعمائة للجارية بيعا ، فإنه لو فسد بترك القبض بطل في الطوق ، وبيع الجارية بتسعمائة صحيح ، ولو فسد بالأجل فسد فيهما عنده خلافا لهما . وفرق بأن في الأول انعقد صحيحا ثم طرأ المفسد فيخص محله وهو الصرف ، وفي الثاني انعقد أولا على الفساد فشاع ، وهذا على الصحيح من أن القبض شرط البقاء على الصحة .

وفي الكامل : لو أسقط الأجل من له الأجل دون الآخر صح في المشهور ، وليس في الدراهم والدنانير خيار رؤية لأن العقد لا ينفسخ بردها ; لأنه إنما وقع على مثلها ، بخلاف التبر والحلي والأواني من الذهب والفضة لأنه ينتقض العقد برده لتعينه فيه ، ولو وجد أحدهما أو كلاهما دون الافتراق زيفا أو ستوقا فحكمه في جميع أبوابه الاستبدال والبطلان كرأس مال السلم .




الخدمات العلمية