الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويملك القرض بالقبض ) السابق في المبيع كما هو ظاهر وإلا لامتنع عليه التصرف فيه وكالهبة ( وفي قول بالتصرف ) المزيل للملك رعاية لحق المقرض ؛ لأن له الرجوع فيه ما بقي فبالتصرف يتبين حصول ملكه بالقبض وتظهر فائدة الخلاف في النفقة ونحوها وكذا في الإبراء فيصح على الأول لأنه بملكه له انتقل بدله لذمته لا الثاني لبقاء العين بملك المقرض فلم يصح الإبراء منها [ ص: 49 ] ( وله ) بناء على الأول ( الرجوع في عينه ما دام باقيا ) في ملك المقترض ( بحاله ) بأن لم يتعلق به حق لازم ( في الأصح ) وإن دبره أو زال عن ملكه ثم عاد كما هو قياس أكثر نظائره ؛ لأن له طلب بدله عند فواته فعينه أولى وللمقترض رده عليه قهرا وخرج بحاله رهنه وكتابته وجنايته إذا تعلقت برقبته فلا يرجع فيه حينئذ نعم لو أجره رجع فيه كما لو زاد ثم إن اتصلت أخذه بها وإلا فبدونها أو نقص فإن شاء أخذه مع أرشه أو مثله سليما فإن قلت يأتي في لقطة تملكت ثم ظهر مالكها ، وقد نقصت بعيب فطلب المالك بدلها والملتقط ردها مع الأرش أجيب الملتقط وهذا يشكل على ما هنا قلت لا يشكل عليه بل يفرق بأن المقرض محسن فناسب تخييره على خلاف القاعدة الآتية بخلاف المالك ثم فإن التملك قهر عليه فأجري به على الأصل في الضمان أنه في الناقص يرده مع أرشه حتى في المغصوب منه فهذا أولى ويصدق في أنه قبضه بهذا النقص على ما أفتى به بعضهم [ ص: 50 ] وكأنه راعى أصل براءة ذمته لكن يعارضه أن الأصل السلامة وأن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن وهذان خاصان فليقدما على الأول العام ثم رأيتهم صرحوا في غاصب رد المغصوب ناقصا وقال غصبته هكذا فكذبه المالك صدق الغاصب ؛ لأن الأصل براءته من الزيادة وهذا صريح في ترجيح الأول بل أولى وإذا رجع فيه مؤجرا فإن شاء صبر لانقضاء المدة ولا أجرة له وإن شاء أخذ بدله وأفتى بعضهم في جذع اقترضه وبنى عليه وحب بذره أنه كالهالك فيتعين بدله . نعم إن حجر على المقترض بفلس يأتي فيه ما يأتي فيما اشتراه آخر التفليس .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف وله الرجوع ) .

                                                                                                                              ( فرع ) في شرح الروض ولو قال لغيره ادفع مائة قرضا علي إلى وكيلي فلان فدفع ثم مات الآمر فليس للدافع مطالبة الآخذ ؛ لأن الآخذ لم يأخذ لنفسه وإنما هو وكيل عن الآمر وقد انتهت وكالته بموت الآمر وليس للآخذ الرد عليه ولو رد ضمن للورثة وحق الدافع يتعلق بتركة الميت عموما لا بما دفع خصوصا ا هـ والظاهر أن معنى قوله لا بما دفع خصوصا أنه لا يتعين حقه فيه بل [ ص: 50 ] له أن يأخذ مثله من التركة وإلا فله أن يأخذ ما دفع بعينه أخذا من قولهم له الرجوع في عينه ما دام باقيا بحاله بل يؤخذ من ذلك أن له أن يأخذه من الوكيل بعد رجوعه إذا كان في يده ولا شيء على الوكيل في دفعه له فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وكأنه راعى أصل براءة ذمته ) مما يؤيده أيضا بل يعينه ويرد معارضة الشارح بما ذكره ما صرحوا به في الغصب من أن الغاصب لو أتى بالمغصوب ناقصا وقال قبضته هكذا صدق بيمينه م ر والله أعلم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله السابق في المبيع ) يعني على الوجه الذي سبق في قبض المبيع ( قوله وإلا ) أي وإن لم يملك بالقبض ( قوله وكالهبة ) عطف على وإلا إلخ عبارة المغني عقب المتن كالموهوب وأولى لأنه لا للعوض مدخل فيه ولأنه لو لم يملك به لامتنع عليه التصرف فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في النفقة ونحوها ) أي فبمجرد قبضه يعتق عليه لو كان نحو أصله ويلزمه نفقة الحيوان على الأول لا الثاني [ ص: 49 ] نهاية قول المتن ( وله ) أي يجوز للمقرض ( الرجوع إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع ) في شرح الروض أي والمغني ولو قال لغيره ادفع مائة قرضا علي إلى وكيلي فلان فدفع ثم مات الآمر فليس للدافع مطالبة الآخذ ؛ لأن الآخذ لم يأخذ لنفسه وإنما هو وكيل عن الآمر وقد انتهت وكالته بموت الآمر وليس للآخذ الرد عليه ولو رد ضمن للورثة وحق الدافع يتعلق بتركة الميت عموما لا بما دفع خصوصا انتهى .

                                                                                                                              ، والظاهر أن معنى قوله لا بما دفع خصوصا أنه لا يتعين حقه فيه بل له أن يأخذ مثله من التركة وإلا فله أن يأخذ ما دفع بعينه أخذا من قولهم له الرجوع في عينه ما دام باقيا بحاله بل يؤخذ من ذلك أن له أن يأخذه من الوكيل بعد رجوعه إذا كان في يده ولا شيء على الوكيل في دفعه فليتأمل سم على حج ولو دفع شخص لآخر دراهم وقال ادفعها لزيد فادعى الآخذ دفعها لزيد فأنكر صدق فيما ادعاه ؛ لأن الأصل عدم القبض ا هـ ع ش ( قوله في ملك المقترض ) إلى قوله فإن قلت في النهاية والمغني ( قوله بأن لم يتعلق إلخ ) سيأتي محترزه ( قوله وإن دبره إلخ ) أي أو علق عتقه بصفة نهاية ومغني ( قوله ؛ لأن له إلخ ) تعليل للمتن ( قوله وللمقترض إلخ ) عطف على قول المتن وله الرجوع إلخ ( قوله رده إلخ ) أي قطعا ا هـ مغني ( قوله قهرا ) أي إذا لم يكن للمقرض غرض صحيح في الامتناع كما مر ( قوله فلا يرجع فيه ) أي لا يصح ا هـ ع ش ( قوله رجع ) أي المقرض ( قوله إن اتصلت ) أي الزيادة ( قوله أخذه بها ) ظاهره وإن طلب المقترض رد البدل وهو محتمل إن لم يخرج المقرض بالزيادة عن كونه مثل المقرض صورة فلو أقرضه عجلة فكبرت ثم طلبها المقرض لم يجب ا هـ ع ش ( قوله وإلا فبدونها ) ومن ذلك ما لو أقرضه دابة حائلا وولدت عنده فيردها بعد وضعها بدون ولدها المنفصل أما إقراض الدابة الحامل فلا يصح ؛ لأن القرض كالسلم والحامل لا يصح السلم فيها ا هـ ع ش ( قوله أو نقص ) شمل ما لو كان النقص نقص صفة أو عين وقياس ما تقدم أنه إذا وجد الثمن ناقصا نقص صفة أخذه بلا أرش أنه هنا كذلك لكن ظاهر كلامهم يخالفه ا هـ ع ش أي ويفرق بأن المقرض محسن ( قوله تملكت ) ببناء المفعول ( قوله الآتية ) أي آنفا بقوله على الأصل في الضمان ( قوله ثم ) أي في اللقطة ( قوله فإن التملك ) أي تملك الملتقط للقطة ( قوله قهر عليه ) أي على مالك اللقطة أي لا مدخل له فيه ( قوله فأجري به ) أي الرد إلى الملتقط ويحتمل أن المراد أجري الملتقط في الرد ( قوله أنه ) أي الضامن ( قوله حتى في المغصوب منه ) أي في الناقص المغصوب من المالك ( قوله فهذا ) أي الملتقط ( أولى ) أي من الغاصب وكان أولى إبدال الفاء بالواو ( قوله ويصدق ) إلى الكتاب في النهاية والضمير المستتر للمقترض ( قوله في أنه قبضه بهذا النقص ) ومنه ما لو أقرضه فضة ثم ادعى المقترض أنها مقاصيص والمقرض أنها جيدة فيرد المقترض مثلها وينبغي أن يعتبر ذلك بالوزن الذي يذكره المقترض ؛ لأن القص يتفاوت فيصدق في ذلك وإن لم تجر العادة فيما بينهم بوزنها وطريقه في تقدير الوزن الذي يرد به إما اختبارها قبل التصرف فيها أو تخمينها بما يغلب على ظنه أنه زنتها وما ذكر من تصديق المقترض لا يستلزم صحة إقراضها ؛ لأن القرض صحيحا كان أو فاسدا يقتضي [ ص: 50 ] الضمان والأقرب عدم صحة إقراضها مطلقا وزنا أو عدا ا هـ ع ش وجزم بعدم الصحة فيما مر .

                                                                                                                              ( قوله وهذان ) أي قوله إن الأصل السلامة وقوله إن الأصل في كل حادث إلخ ا هـ ع ش ( قوله خاصان ) محل تأمل ( قوله على الأول إلخ ) أي أصل براءة الذمة ( قوله صرحوا إلخ ) وانظر ما المصرح به ولعله كان الأصل أخذا من كلام النهاية صرحوا في الغصب بأن الغاصب لو رد المغصوب إلخ ثم أسقطه الناسخ ( قوله في ترجيح الأول ) وهو الإفتاء المار ( قوله بل أولى ) أي المقترض بالتصديق من الغاصب ( قوله فإن شاء صبر إلخ ) ظاهره أنه لو أراد أن يأخذه مسلوب المنفعة لا يمكن منه وهو غير مراد فله أن يرجع فيه الآن ويأخذه مسلوب المنفعة وعليه فيتخير بين الصبر إلى فراغ المدة وبين أخذه مسلوب المنفعة حالا وبين أخذ البدل أي وينتفع به المستأجر إلى فراغ المدة ا هـ ع ش عبارة المغني ولا أرش له فيما إذا وجد مؤجرا بل يأخذه مسلوب المنفعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم ) لا يظهر وجه الاستدراك ( قوله فيما اشتراه ) أي ثم حجر عليه بالفلس ( قوله آخر التفليس ) أولى أن يقدمه على قوله فيما اشتراه




                                                                                                                              الخدمات العلمية