الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا أبو الخطاب ) بتشديد المهملة ( زياد بن يحيى البصري ونصر بن علي قالا ) أي : كلاهما ( حدثنا [ ص: 281 ] عبد ربه ) بمعنى عبد الله ( ابن بارق الحنفي قال سمعت جدي أبا أمي سماك بن الوليد ) بكسر السين ( يحدث أنه سمع ابن عباس يحدث أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من كان له فرطان ) بفتح الفاء والراء ( من أمتي أدخله الله تعالى بهما الجنة ) الفرط والفارط المتقدم في طلب الماء فيهيئ لهم الإرشاء والدلاء ويمدر الحياض ويسقي لهم ، وهو فعل بمعنى فاعل كتبع بمعنى تابع يقال : رجل فرط وقوم فرط .

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - أنا فرطكم على الحوض .

أي سابقكم لأرتاد لكم الماء ، ومن هذا قوله في الصلاة على الصبي : اللهم اجعله لنا فرطا أي : أجرا متقدما كذا ذكره ميرك لكن المراد هنا بالفرط الولد الذي مات قبل أحد أبويه فإنه يهيئ لهما نزلا ومنزلا في الجنة كما يتقدم فرط القافلة إلى المنازل فيعد لهم ما يحتاجون إليه من سقي الماء وضرب الخيمة ونحوهما .

( فقالت له عائشة : فمن كان له فرط من أمتك ) أي : فما حكمه ( قال ومن كان له فرط ) أي : كذلك ( يا موفقة ) أي : لتعلم شرائع الدين أو في الخيرات والأسئلة الواقعة موقعها ( قالت : فمن لم يكن له فرط من أمتك قال فأنا فرط لأمتي ) أي : أمة الإجابة فإنه قائم لهم في مقام الشفاعة ( لن يصابوا بمثلي ) أي : بمثل مصيبتي فإني عندهم أحب من كل والد وولد فمصيبتي عليهم أشد من جميع المصائب فأكون أنا فرطهم ، وهو شامل لمن أدرك زمانه ومن لم يدركه كما يدل عليه تعبيره بأمتي بل المصيبة بالنسبة إلى من لم يره أعظم من وجه والجملة استئناف تعليل لقوله فأنا فرط لأمتي ، قال الترمذي : هذا حديث غريب ، قلت : لكن روى مسلم : إذا أراد الله بأمة خيرا قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا بين يديه ، وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها ، وهو ينظر فأقر عينه بهلكها حين كذبوه وعصوا أمره .

وفي هذا تسلية عظيمة لأمته المرحومة .

وفي سنن ابن ماجه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه : أيها الناس إن أحدا من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبة في عن المصيبة التي تصيبه بغيري ، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي .

وقال ابن الجوزاء : كان الرجل من أهل المدينة إذا أصابته مصيبة جاء أخوه فصافحه ويقول : يا عبد الله اتق الله فإن في رسول الله أسوة حسنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية