الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أهل الكتاب لم تحاجون الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 616 ] أخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، والبيهقي في " الدلائل " ، عن ابن عباس قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا . وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا . فأنزل الله فيهم : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده إلى قوله : والله ولي المؤمنين . فقال أبو رافع القرظي : أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران : أذلك تريد يا محمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادة غيره ، ما بذلك بعثني ولا أمرني " . فأنزل الله في ذلك من قولهما : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله إلى قوله : بعد إذ أنتم مسلمون . ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم فقال : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين إلى قوله : من الشاهدين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة، وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنه مات يهوديا ، فأكذبهم الله ونفاهم منه وقال : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وتزعمون أنه كان يهوديا أو نصرانيا وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده فكانت اليهودية بعد التوراة، وكانت النصرانية بعد الإنجيل، أفلا تعقلون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم . قال : اليهود والنصارى، برأه الله منهم حين ادعى كل أمة منهم، وألحق به المؤمنين من كان من أهل الحنيفية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم : قالت النصارى : كان نصرانيا . وقالت اليهود : كان يهوديا . فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل إنما أنزلتا من بعده، وبعده كانت اليهودية والنصرانية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي العالية : ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم . يقول : فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم . يقول : فيما لم تشهدوا ولم تروا ولم تعاينوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة ، مثله . [ ص: 618 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في الآية قال : أما الذي لهم به علم، فما حرم عليهم وما أمروا به، وأما الذي ليس لهم به علم فشأن إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن في الآية قال : يعذر من حاج بعلم، ولا يعذر من حاج بالجهل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية