الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      صلة بن أشيم

                                                                                      الزاهد ، العابد ، القدوة أبو الصهباء العدوي البصري ، زوج العالمة معاذة العدوية .

                                                                                      ما علمته روى سوى حديث واحد عن ابن عباس .

                                                                                      حدث عنه : أهله معاذة ، والحسن ، وحميد بن هلال ، وثابت البناني ، وغيرهم .

                                                                                      ابن المبارك في " الزهد " : عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يكون في أمتي رجل يقال له : صلة ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا .

                                                                                      هذا حديث معضل .

                                                                                      جعفر بن سليمان : عن يزيد الرشك ، عن معاذة ، قالت : كان أبو الصهباء يصلي حتى ما يستطيع أن يأتي فراشه إلا زحفا . [ ص: 498 ]

                                                                                      وقالت معاذة : كان أصحابه - تعني : صلة - إذا التقوا ، عانق بعضهم بعضا .

                                                                                      وقال ثابت : جاء رجل إلى صلة بنعي أخيه ، فقال له : ادن فكل ، فقد نعي إلي أخي منذ حين ، قال تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون [ الزمر : 30 ] .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة : أخبرنا ثابت : أن صلة كان في الغزو ، ومعه ابنه ، فقال : أي بني ! تقدم ، فقاتل حتى أحتسبك ، فحمل ، فقاتل ، حتى قتل ، ثم تقدمصلة ، فقتل ، فاجتمع النساء عند امرأته معاذة ، فقالت : مرحبا إن كنتن جئتن لتهنئنني ، وإن كنتن جئتن لغير ذلك ، فارجعن .

                                                                                      جرير بن حازم : عن حميد بن هلال ، عن صلة ، قال : خرجنا في قرية وأنا على دابتي في زمان فيوض الماء ، فأنا أسير على مسناة فسرت يوما لا أجد ما آكل ، فلقيني علج يحمل على عاتقه شيئا ، فقلت : ضعه ، فإذا هو خبز . قلت : أطعمني . فقال : إن شئت ولكن فيه شحم خنزير ، فتركته . ثم لقيت آخر ، فقلت : أطعمني . قال : هو زادي لأيام . فإن نقصته ، أجعتني . فتركته . فوالله إني لأسير ، إذ سمعت خلفي وجبة كوجبة الطير ، فالتفت ، فإذا هو شيء ملفوف في سب أبيض ، فنزلت إليه ، فإذا دوخلة من رطب في زمان ليس في الأرض رطبة ، فأكلت منه ، ثم لففت ما بقي ، وركبت الفرس ، وحملت معي نواهن . [ ص: 499 ]

                                                                                      قال جرير بن ‌‌حازم : فحدثني أوفى بن دلهم قال : رأيت ذلك السب مع امرأته فيه مصحف ، ثم فقد بعد .

                                                                                      وروى نحوه عوف ، عن أبي السليل ، عن صلة .

                                                                                      فهذه كرامة ثابتة

                                                                                      ابن المبارك : حدثنا مسلم بن سعيد ، أخبرنا حماد بن جعفر بن زيد ، أن أباه أخبره ، قال : خرجنا في غزاة إلى كابل ، وفي الجيش صلة ، فنزلوا ، فقلت : لأرمقن عمله ؛ فصلى ، ثم اضطجع ، فالتمس غفلة الناس ، ثم وثب ، فدخل غيضة ، فدخلت ، فتوضأ وصلى ، ثم جاء أسد حتى دنا منه ، فصعدت شجرة ، أفتراه التفت إليه حتى سجد ؟ فقلت : الآن يفترسه فلا شيء ، فجلس ، ثم سلم . فقال : يا سبع ! اطلب الرزق بمكان آخر . فولى وإن له زئيرا أقول ؛ تصدع منه الجبل ، فلما كان عند الصبح ، جلس ، فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها ، ثم قال : اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة ؟ .

                                                                                      ابن المبارك : عن السري بن يحيى ، حدثنا العلاء بن هلال ، أن رجلا قال لصلة : يا أبا الصهباء ! رأيت أني أعطيت شهدة ، وأعطيت شهدتين ، فقال : تستشهد وأنا وابني ، فلما كان يوم يزيد بن زياد ؛ لقيتهم الترك بسجستان ، فانهزموا . وقال صلة : يا بني ارجع إلى أمك . قال : يا أبه ؛ تريد الخير لنفسك ، وتأمرني بالرجوع ! قال : فتقدم ، فتقدم ، فقاتل حتى [ ص: 500 ] أصيب ، فرمى صلة عن جسده ، وكان راميا ، حتى تفرقوا عنه ، وأقبل حتى قام عليه ، فدعا له ، ثم قاتل حتى قتل .

                                                                                      قلت : وكانت هذه الملحمة سنة اثنتين وستين - رحمهما الله تعالى .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية