الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( درس ) { باب } ذكر فيه السلم وشروطه وما يتعلق به ( شرط ) صحة عقد ( السلم ) وهو بيع يتقدم فيه رأس المال ويتأخر المثمن لأجل وهي سبعة زيادة على شروط البيع أولها ( قبض رأس المال كله ) ورأس الشيء أصله ولما كان ما يعجل أصلا للمسلم فيه سمي رأس المال فالمراد بالمال المسلم فيه ورأسه المسلم ( أو تأخيره ) بعد العقد ( ثلاثا ) من الأيام ( ولو بشرط ) لخفة الأمر لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه وهذا إذا لم يكن أجل السلم كيومين وذلك فيما شرط قبضه ببلد آخر على ما يأتي وإلا فلا يجوز تأخيره هذه المدة لأنه عين الكالئ بالكالئ فيجب أن يقبض بالمجلس أو ما يقرب منه ومعنى كلام المصنف أن شرط السلم أن لا يتأخر قبض رأس المال أكثر من ثلاث فالمضر تأخيره أكثر منها وهو معنى قول بعضهم من شروط السلم أن يكون رأس المال نقدا أي معجلا أو في حكم النقد ولا يؤخر بشرط فوق ثلاثة انتهى ( وفي فساده بالزيادة ) على الثلاثة بلا شرط ( إن لم تكثر جدا ) بأن لا يحل أجل المسلم فيه وعدم [ ص: 196 ] فساده ( تردد ) فإن أخر بشرط وإن قل أو كثر جدا حتى حل الأجل فسد اتفاقا خلافا لما يوهمه إطلاقه من أن التردد جار في التأخير بشرط وبغيره وأن التأخير إن كثر جدا ولو لم يحل الأجل مفسد قطعا وليس كذلك ثم المعتمد الفساد بالزيادة ولو قلت بغير شرط

التالي السابق


{ باب السلم }

( قوله وهي سبعة ) فيه إشارة إلى أن قول المصنف شرط السلم مفرد مضاف يعم جميع شروطه ( قوله قبض رأس المال ) من إضافة المصدر لمفعوله أي قبض المسلم إليه رأس المال وإنما أكد بكله لفساد جميعه بتأخير قبض شيء منها ولو يسيرا ( قوله أصلا للمسلم فيه ) أي لأنه لولا هو ما حصل وقوله سمي أي ذلك المعجل ( قوله فالمراد بالمال ) أي المضاف إليه رأس ( قوله أو تأخيره ) أي رأس المال وذكر الضمير لاكتساب المضاف التذكير من المضاف إليه ( قوله ولو بشرط ) أي هذا إذا كان تأخيرها من غير شرط بل ولو كان تأخيرها بشرط ورد بلو قول ابن سحنون وغيره من البغداديين بفساد السلم إذا أخر رأس المال ثلاثة أيام بشرط لظهور قصد الدين بالدين مع الشرط وعدم قصده مع عدم الشرط واختاره عبد الحق وابن الكاتب وابن عبد البر ا هـ بن ( قوله لأنه عين الكالئ بالكالئ ) أي ابتداء الدين بالدين يعني في غير محل الرخصة لأن السلم رخصة مستثناة من ذلك ومن بيع الإنسان ما ليس عنده ( قوله ومعنى إلخ ) جواب عما يقال إن ظاهر المصنف أن التأخير المذكور من شروط السلم وليس كذلك وحاصل الجواب أن كلام المصنف في قوة قولنا شرط السلم أن لا يتأخر رأس المال أكثر من ثلاثة أيام وهذا صحيح أو يجاب بأن الشرطية منصبة على الأحد الدائر بين الأمرين أي أن شرط السلم أحد شيئين إما القبض أو التأخير ثلاثا فدون فإن فقدا بأن تأخرا أكثر فقد الشرط ( قوله أن لا يتأخر إلخ ) أي بأن يقبض بالفعل أو يؤخر ثلاثة أيام تأمل ( قوله أي معجلا إلخ ) أي فالشرطية منصبة على الأحد الدائر بين الأمرين وهذا يرجع في المعنى لما قاله الشارح ( قوله وفي فساده إلخ ) حاصل ما في المقام أنه إذا أخر رأس المال عن ثلاثة أيام فإن كان التأخير بشرط فسد السلم اتفاقا كان [ ص: 196 ] التأخير كثيرا جدا بأن حل أجل المسلم فيه أو لم يكثر جدا بأن لم يحل أجله ، وإن كان التأخير بلا شرط فقولان في المدونة لمالك بفساد السلم وعدم فساده سواء كثر التأخير جدا أو لا إذا علمت هذا تعلم أن في كلام المصنف أمورا أربعة : الأول أن ظاهره سواء كانت الزيادة بشرط أم لا مع أن محل الخلاف إذا كانت بلا شرط وإلا فسد العقد اتفاقا ، الثاني أن قوله إن لم تكثر جدا الأولى إسقاطه لأن ظاهره أن الزيادة إن كثرت جدا لا يختلف في الفساد وليس كذلك بل الخلاف في الزيادة بلا شرط ولو كثرت جدا وحل أجل السلم ، الثالث أن تعبيره بالتردد ليس جاريا على اصطلاحه فقد قال ح القولان كلاهما لمالك في المدونة ، الرابع كان من حق المصنف الاقتصار على القول بالفساد لتصريح ابن بشير بأنه المشهور كما في نقل ح عنه انظر بن وإذا علمت هذا تعلم ما في عبارة الشارح تبعا لعج .

( قوله أو كثر جدا ) أي وكان التأخير بلا شرط ( قوله فسد اتفاقا ) أي فالاتفاق في ثلاثة أحوال والخلاف في حالة واحدة وهي ما إذا حصلت الزيادة على ثلاثة أيام بلا شرط ولم تبلغ أجل المسلم فيه ( قوله وأن التأخير ) أي مطلقا ولو من غير شرط ( قوله وليس كذلك ) أي بل التأخير إذا كثر جدا إن كان بشرط كان مفسدا مطلقا حل الأجل أو لم يحل باتفاق ، وإن كان بغير شرط أفسد اتفاقا إن حل الأجل وإلا فمن محل التردد هذا كلامه وقد علمت عدم صحته




الخدمات العلمية