الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 218 - 220 ] ورد في عهدة الثلاث بكل حادث ، .

[ ص: 221 ] إلا أن يبيع ببراءة ، .

[ ص: 222 ] ودخلت في الاستبراء ، والنفقة عليه وله الأرش : .

[ ص: 223 ] كالموهوب له ، إلا المستثنى ماله . .

التالي السابق


( ورد ) بضم الراء وشد الدال الرقيق خاصة ( في ) بيعه بشرط ( عهدة ) أي ضمان البائع له في الليالي ( الثلاث ) بأيامها من كل ما يحدث به فيها فللمشتري رده ( بكل ) [ ص: 221 ] عيب ( حادث ) به فيها سواء كان بدينه أو خلقه أو بدنه ولو موتا أو غرقا أو حرقا أو سقوطا من عال أو قتل نفسه ، قال فيها : وما بيع من الرقيق لغير براءة فمات في الثلاث أو أصابه مرض أو عيب أو ما يعلم أنه داء فهو من البائع ، وللمبتاع رده ولا شيء عليه ، وكذلك إن مات أو غرق أو سقط من حائط أو خنق نفسه كان من البائع ولو جرح أو قطع له عضو كان أرشه للبائع ثم يخير المبتاع في قبوله معيبا بجميع ثمنه أو رده ا هـ ومن العتبية ابن القاسم ما حدث بالعبد في الثلاث من زنا أو سرقة أو شرب خمر ابن المواز وإباق فللمبتاع رده بذلك ، وكذلك إن أصابته حمى أو عمش أو بياض بعينه وما ذهب قبل الثلاث فلا رد له به أشهب أما الحمى فلا يعلم ذهابها وليتأن به ، فإن عاودته بالقرب رده وإن بعد الثلاث لأن بدو ذلك فيها ونصها قبل ما تقدم عنها إذا أصاب العبد حمى في الثلاث أو بياض ثم ذهب فيها فلا يرد .

ابن عرفة في سماع يحيى بن القاسم لا يرد العبد بذهاب ماله في الثلاث . ابن رشد لأنه لا حظ له من ماله ولو تلف العبد في العهدة وبقي ماله انتقض بيعه فليس لمبتاعه حبس ماله بثمنه أفاده الحط . ( إلا أن يبيع ) المالك رقيقه ( ب ) شرط ( براءة ) من كل عيب قديم لم يعلمه بعد طول إقامته عنده فلا يرده بحادث فيها . أحمد بابا يحتمل أنه متصل ، والمعنى إلا أن يبيع ببراءة من عيب معين كالإباق والسرقة فلا رد له إذا حدث به مثله فيها ، ويرده بما عداه ، وبهذا قرره تت وأنه منقطع ، والمعنى إلا أن يشترط سقوطها وقت العقد بتبريه من جميع العيوب إذ لا عهدة عليه حينئذ ، وبهذا قرره بعضهم وهو الموافق لها ، وهذا أولى من الأول لدخوله في هذا ، ولا عكس مع الاستغناء عن الأول بقوله سابقا ، وإذا علمه بين أنه به إلخ .

ابن عرفة فيها من ابتاع عبدا فأبق في الثلاث فهو من بائعه ، إلا أن يبيعه بيع براءة . ا هـ . وخص اللقاني قوله إلا أن يبيع ببراءة بالعهدة المعتادة فقط قائلا أما البيع بالعهدة المشترطة أو التي حمل السلطان الناس عليها ، فيرد فيها بالحادث دون القديم الذي باع [ ص: 222 ] بالبراءة منه ، فالأقسام ثلاثة ، قسم يرد فيه بالقديم والحادث إن اعتيدت العهدة ولم يتبرأ من قديم وإن كانت معتادة وتبرأ من جميع العيوب سقط حكمها فلا يرد بقديم ولا حادث وإن اشترطت ، أو حمل السلطان الناس عليها رد بالحادث فيها دون القديم على ما للقاني ، ولا رد على ما يأتي للمصنف وهو ظاهر المدونة قاله عب . ( ودخلت ) عهدة الثلاث ( في الاستبراء ) أي المواضعة لأنها التي توجب ضمان البائع . ابن رشد إذا أقامت في الاستبراء ثلاث ليال أو أزيد فإن كان أقل من ثلاث فلا بد من تمام الثلاث ولا تدخل عهدة الثلاث ، والمواضعة في السنة إنما تكون عهدة السنة بعد مضي الثلاث والاستبراء ، قاله في سماع أشهب ، وحصل ابن رشد في هذا ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه لا يدخل شيء منها في شيء فيبدأ بالاستبراء ثم بالثلاث ثم بالسنة ، وهو قول الفقهاء السبعة رضي الله تعالى عنهم ، والثاني : أنهن يتداخلن فتبتدأ المواضعة وعهدة الثلاث وعهدة السنة من يوم البيع وهو قول مالك رضي الله تعالى عنه في الواضحة وابن الماجشون .

والثالث : أن الاستبراء وعهدة الثلاث يتداخلان فيبتدآن من يوم البيع ، وعهدة السنة بعد تمامهما وهو قول مالك رضي الله تعالى عنه في رسم الأقضية من سماع أشهب ، ودليل قوله في هذه الرواية والفرق بين العهدتين أن عهدة الثلاث والمواضعة في ضمان كل حادث بخلاف عهدة السنة .

( تنبيهان ) الأول : عهدة الثلاث والاستبراء في بيع الخيار بعد انبرامه قاله في سماع ابن القاسم ونقله ابن عرفة . الثاني : لا يحسب من الثلاث اليوم الذي عقد فيه البيع على المشهور نقله المصنف وابن عرفة وغيرهما . ( والنفقة ) على الرقيق المبيع بعهدة الثلاث زمنها ومنها الكسوة ( عليه ) أي البائع ( وله ) أي البائع ( الأرش ) للجناية عليه زمنها ، وشبه في الكون للبائع فقال [ ص: 223 ] ك ) المال ( الموهوب له ) أي الرقيق زمنها ( إلا ) الرقيق ( المستثنى ) بفتح النون أي المشترط ( ماله ) لمشتريه فله الموهوب له زمنها . " غ " كذا في بعض النسخ ، وهو جار على قاعدته الأكثرية من رد الاستثناء لما بعد الكاف ، وضمير له الثاني للعبد ، وفي بعضها والنفقة ومنها الكسوة على الرقيق في زمن عهدة الثلاث على بائعه والأرش للجناية عليه زمنها . وشبه في حكم الأرش فقال : كالمال الموهوب للرقيق زمنها ، وخبر الأرش له أي البائع .

" غ " وعلى هذا فله خبر المبتدأ وضميره للبائع ولامه للملك بالنسبة للأرش والموهوب ، وبمعنى على بالنسبة للنفقة كقوله تعالى { لهم اللعنة } ، ففيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه ، والفصل بالخبر بين المستثنى والمستثنى منه الحط ويحتمل أن خبر النفقة حذف للعلم به أي عليه ، وقوله والأرش أي إذا جنى على العبد في زمنها فأرش الجناية للبائع وقد تقدم هذا في لفظ المدونة وأن للمشتري حينئذ الخيار في قبوله معيبا بجميع ثمنه ورده ، وقوله كالموهوب أي ما وهب للعبد فيها أو تصدق به عليه يريد أو نما ماله بربح فهو لبائعه إلا إذا اشترط المشتري ماله فذلك له قاله في سماع عيسى . ابن رشد القياس أنه للبائع وما قاله ابن القاسم استحسان ، والذي في المدونة أنه للبائع ، لكن قيده الشيوخ بما في سماع عيسى .

( فرع ) لم يتكلم المصنف على غلة الرقيق في أيام العهدة ، وقال ابن الحاجب : غلته للمشتري على المشهور . الموضح هذا قريب من كلام الجواهر ، وفي نقلهما نظر لأن في العتبية أن ما ربح في الثلاث أو أوصى له به وإن لم يستثن المشتري ماله فهو للبائع ، ثم ذكر عن المازري أن القاضي أبا محمد أشار إلى ارتفاع الخلاف في الغلة وأنها للمشتري ، قال : ولكن المنصوص هنا أن ذلك للبائع ا هـ . وقال ابن عرفة : لم أعرف في الغلة نصا لما تقدم وتجري على نماء ماله بالعطية للبائع ولابن شاس الغلة لمبتاعه ورأى بعض المتأخرين أنها للبائع لأن الخراج بالضمان . ا هـ . وفي الشامل وفي الغلة خلاف والله أعلم .




الخدمات العلمية