الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ الفرع الرابع ] ( و ) الفرع الرابع ، وأخر لصدور ألفاظه ممن دون الصحابي ( قولهم ) أي : التابعي فمن دونه بعد ذكر الصحابي ( يرفعه ) أو رفعه أو مرفوعا ; كحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس : الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار ، وأنهى أمتي عن الكي رفع الحديث .

وكذا قولهم : ( يبلغ به ) أو ( رواية ) أو ( يرويه ) ; كحديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به : الناس تبع لقريش وبه عن أبي هريرة رواية تقاتلون قوما صغار الأعين ، وكحديث سفيان عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن [ ص: 158 ] أبي هريرة رواية الفطرة خمس أو ( ينميه ) بفتح أوله وسكون النون ، وكسر الميم ; كحديث مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد ، قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك .

وكذا قولهم : يسنده ، أو يأثره ، مما الحامل عليه وعلى العدول عن التصريح بالإضافة ، إما الشك في الصيغة التي سمع بها أهي " قال رسول الله " ، أو " نبي الله " أو نحو ذلك ; كسمعت أو حدثني ، وهو ممن لا يرى الإبدال ، كما أفاد حاصله المنذري ، أو طلبا للتخفيف وإيثارا للاختصار ، أو للشك في ثبوته ، كما قالهما شيخنا ، أو ورعا ; حيث علم أن المروي بالمعنى ( رفع ) أي : مرفوع بلا خلاف ، كما صرح به النووي ، واقتضاه قول ابن الصلاح ; وكل هذا وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا . انتهى .

ويدل لذلك مجيء بعض المكنى به بالتصريح ; ففي بعض الروايات لحديث : الفطرة خمس يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها لحديث سهل : " ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها : " قال مالك : ينمي أي : يرفع الحديث " .

والاصطلاح في هذه اللفظة موافق للغة ، قال أهلها : نميت الحديث إلى غيري نميا ، إذا أسندته ورفعته ، وكذا في قوله : وأنهى أمتي عن الكي دليل لذلك ، ( فانتبه ) لهذه الألفاظ وما أشبهها مما الاصطلاح عن الكناية بها عن الرفع .

تتمة : وقع في بعض الأحاديث قول الصحابي : " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفعه " ، وهو في حكم قوله : " عن الله عز وجل " وأمثلته كثيرة ، منها : حديث حسن [ عند البزار [ ص: 159 ] عن أبي هريرة قال : قال رسول الله يرفعه ] : إن المؤمن عندي بمنزلة كل خير ، يحمدني وأنا أنزع نفسه من بين جنبيه ، وهذا من الأحاديث الإلهية ، وقد جمع منها ابن المفضل الحافظ طائفة ، وأفردها غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية