الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 71 ] الخامس : الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول أو بقبيل المرسل .

مثاله : حديث : " لا نكاح إلا بولي " ، رواه إسرائيل بن يونس في آخرين عن جده أبي إسحاق السبيعي ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، أبي موسى الأشعري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندا هكذا متصلا .

ورواه سفيان الثوري ، وشعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا هكذا .

فحكى الخطيب الحافظ أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل .

وعن بعضهم : أن الحكم للأكثر .

وعن بعضهم : أن الحكم للأحفظ ، فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله ، ثم لا يقدح ذلك في عدالة من وصله وأهليته .

ومنهم من قال : " من أسند حديثا قد أرسله الحفاظ فإرسالهم له يقدح في مسنده وفي عدالته وأهليته " .

ومنهم من قال : " الحكم لمن أسنده إذا كان عدلا ضابطا ، فيقبل خبره وإن خالفه غيره ، سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة " .

قال الخطيب : " هذا القول هو [ ص: 72 ] الصحيح " .

قلت : وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله ، وسئل البخاري عن حديث : " لا نكاح إلا بولي " المذكور ، فحكم لمن وصله ، وقال : " الزيادة من الثقة مقبولة " ، فقال البخاري هذا ، مع أن من أرسله شعبة وسفيان ، وهما جبلان لهما من الحفظ والإتقان الدرجة العالية .

ويلتحق بهذا ما إذا كان الذي وصله هو الذي أرسله ، وصله في وقت وأرسله في وقت . وهكذا إذا رفع بعضهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه بعضهم على الصحابي ، أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضا في وقت آخر ، فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع ؛ لأنه مثبت وغيره ساكت ، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه ؛ لأنه علم ما خفي عليه . ولهذا الفصل تعلق بفصل زيادة الثقة في الحديث ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ، وهو أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية