الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2034 - (إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم) (حم) (م) (ت) عن جابر .

التالي السابق


(إن الشيطان قد يئس) في رواية أيس (أن يعبده المصلون) أي من أن يعبده المؤمنون يعني من أن تعبد الأصنام يا أبت لا تعبد الشيطان قال البيضاوي رحمه الله تعالى: عبادة الشيطان عبادة الصنم بدليل فجعل عبادة الصنم عبادته لأنه الآمر به الداعي إليه وعبر عن المؤمنين بالمصلين كما في حديث نهيت عن قتل المصلين لأن الصلاة هي الفارقة بين الإيمان والكفر وأظهر الأفعال الدالة على الإيمان فالمراد أن الشيطان أيس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم ويرتد إلى شركه في جزيرة العرب وارتداد بعض لا ينافي يأسه فلا يرد نقضا أو لأنهم لم يعبدوا الصنم أو لأن المراد أن بين المصلين لا يجمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان (ولكن في التحريش بينهم) خبر مبتدأ محذوف أي وهو في التحريش أو ظرف لمقدر أي يسعى في التحريش أي في إغراء بعضهم على بعض وحملهم على الفتن والحروب والشحناء قال القاضي: والتحريش الإغراء على الشيء بنوع من الخداع من حرش الضب الصياد خدعه وله من دقائق الوسواس ما لا يفهمه إلا البصراء بالمعارف الإلهية قال بعض الأئمة: إنما خص جزيرة العرب لأنها مهبط الوحي وهو ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن طولا وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة موضع بالبادية [ ص: 357 ] من طريق الشام عرضا وسميت جزيرة لأن البحار والأنهار اكتنفتها من أكثر الجهات كبحر البصرة وعمان وعدن وبحر الشام والنيل ودجلة والفرات قال أهل الهيئة: جملة ولاية العرب وأحيائهم من الحجاز واليمن والطائف وغيرها وبواديهم واقعة بين الضلع الغربي من بحر فارس والشرقي من بحر القلزم فلهذا تسمى العمارة الواقعة بينهما جزيرة العرب وقال الطيبي: لعل المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه أيس أن يعبد فيها لكن طمع في التحريش وكان كما أخبر فكان معجزة والتحريش الإغراء على الشيء كما مر من حرش الصياد أي يخدعهم ويغري بعضهم على بعض لما ذكر العبادة أولا سماهم المصلين تعظيما لهم ولما ذكر الفتنة أخرجه مخرج التحريش وهو الإغراء بين البهائم توهينا وتحقيرا لهم قال حجة الإسلام: روي أن إبليس تمثل لعيسى عليه السلام فقال قل لا إله إلا الله فقال كلمة حق ولا أقولها بقولك وذلك لأن له تحت الخير تلبيسات لا تتناهى وبه تهلك العلماء والعباد والزهاد والفقراء والأغنياء وأصناف الخلق ممن يكرهون ظاهر الشر ولا يرضون لأنفسهم الخوض في المعاصي المكشوفة قال الحجة: وقد انتشر الآن تلبيسه في البلاد والعباد والمذاهب والأعمال فحق العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم أنه لمة ملك أو لمة شيطان وأن يمضي النظر فيه بنور البصيرة لا بهوى من الطبع بل بنور اليقين إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون

(حم) (م) في صفة عرش إبليس (ت) في الزهد (عن جابر) ولم يخرجه البخاري وظاهر صنيع المصنف أن مسلما لم يخرجه إلا هكذا بغير زيادة ولا نقص والأمر بخلافه بل زاد بعد قوله المصلون في جزيرة العرب ذكره في أواخر صحيحه وكأنه سقط من القلم.




الخدمات العلمية