الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( وأما شركة العنان ) فهو أن يشترك الرجلان برأس مال يحضره كل واحد منهما ، ولا بد من ذلك ، إما عند العقد ، أو عند الشراء حتى أن الشركة لا تجوز برأس مال غائب ، أو دين . ولا يشترط لجواز هذه الشركة خلط المالين " عندنا " وقال الشافعي - رحمه الله تعالى : يشترط ، وهي رواية عن زفر ، والأصل عنده أن شركة الملك أصل ، ثم شركة العقد تنبني عليه . قال : لأن الشركة عبارة عن الاختلاط ، وذلك إنما يتحقق في الملك ، والمعتبر في كل عقد ما هو قضية اسم ذلك العقد كالحوالة ، والكفالة ، والصرف ، فإذا خلطا المالين على وجه لا يمكن تمييز أحدهما عن الآخر ; فقد ثبتت الشركة في الملك ; فينبني عليه شركة العقد . فأما قبل الخلط فالشركة في الملك لم تثبت حتى إذا هلك رأس مال أحدهما ، كان هالكا عليه خاصة ، فلا تثبت شركة العقد ; لأن معنى الاختلاط فيه لا يتحقق مقصودا . " وعندنا " موجب شركة العقد الوكالة على معنى أن كل واحد منهما يكون وكيل صاحبه في الشراء بالمال الذي عينه ; ولهذا شرطنا تعيين المال عند العقد ، أو عند الشراء ; لأن الوكالة بالشراء بماله لا تصح إلا به ، فإنه بدون تعيين المال يكون الوكيل مشتريا بما في ذمته ، وهذا التوكيل صحيح ، بدون خلط المالين ، ومعنى الاختلاط الذي تقتضيه الشركة في المشترى بالمال والربح لا في رأس المال ، وذلك ثابت بدون خلط . وعلى هذا الأصل : لو كان رأس مال أحدهما دراهم ، والآخر دنانير ، تنعقد الشركة بينهما [ ص: 153 ] صحيحة " عندنا " خلافا لزفر والشافعي رحمهما الله .

وكذلك إن كان رأس مال أحدهما بيضا ، والآخر سودا ; لأن الشركة في الملك لا تثبت هنا حين كانا لا يختلطان . وعلى الرواية التي شرط زفر الخلط : جواب هذه الفصل ظاهر على مذهبه ، وأما على الرواية التي لا يشترط ذلك ، نقول : في هذين الفصلين ربما يظهر الربح لأحدهما دون الآخر بتغيير سعر أحد النقدين ، وذلك تقتضيه الشركة . " وعندنا " موجب هذا العقد الوكالة ، وذلك صحيح مع اختلاف النقدين فإنهما لو صرحا بالوكالة بأن يشتري أحدهما بهذه الدراهم على أن يكون المشترى بينهما ، ويشتري الآخر بهذه الدنانير على أن يكون المشترى بينهما : كان صحيحا ، فكذلك تصح الشركة بهذه الصفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية