الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس تحقيق للحق وتبيين لأشهر ما يجادلون فيه من أمر البعث الذي هو كالتوحيد في وجوب الإيمان به على منهاج قوله تعالى : أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [يس : 81] وإضافة ( خلق ) إلى ما بعده من إضافة المصدر إلى مفعوله أي لخلق الله تعالى السماوات والأرض أعظم من خلقه سبحانه الناس لأن الناس بالنسبة إلى تلك الأجرام العظيمة كلا شيء ، والمراد أن من قدر على خلق ذلك فهو سبحانه على خلق ما لا يعد شيئا بالنسبة إليه بدأ وإعادة أقدر وأقدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو العالية : الناس الدجال وهو بناء على ما روي عنه في المجادلين ، ولعمري إن تطبيق هذا ونحوه على ذلك في غاية البعد وأنا لا أقول به ولكن أكثر الناس لا يعلمون وهم الكفرة ، ولما كان ما قبل لإثبات البعث الذي يشهد له العقل وتقتضيه الحكمة اقتضاء ظاهرا ناسب نفي العلم عمن كفر به لأنهم لو كانوا من العقلاء الذين من شأنهم التدبر والتفكر فيما يدل عليه لم يصدر عنهم إنكاره ، ولم يذكر للعلم مفعولا لأن المناسب للمقام تنزيله منزلة اللازم ، وقيل : المراد لا يعلمون أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس أي لا يجرون على موجب العلم بذلك من الإقرار بالبعث ومن لا يجري على موجب علمه هو والجاهل سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي البحر أنه تعالى نبه على أنه لا ينبغي أن يجادل في آيات الله ولا يتكبر الإنسان بقوله سبحانه : لخلق .. إلخ . أي إن مخلوقاته تعالى أكبر وأجل من خلق البشر فما لأحدهم يجادل ويتكبر على خالقه سبحانه وتعالى ولكن أكثر الناس لا يعلمون لا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم ولذلك جادلوا وتكبروا ، ولا يخفى أنه تفسير قليل الجدوى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية