الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
القسم الرابع عطف البيان وهو كالنعت في الإيضاح وإزالة الاشتراك الكائن فيه .

وشرط صاحب " الكشاف " فيه أن يكون وضوحه زائدا على وضوح متبوعه .

ورد ما قاله بأن الشرط حصول زيادة الوضوح بسبب انضمام عطف البيان مع متبوعه ; لا أن الشرط كونه أوضح وأشهر من الأول ; لأن من الجائز أن يحصل باجتماع الثاني مع الأول زيادة وضوح لا تحصل حال انفراد كل واحد منهما كما في : " خالي أبو عبد الله زيد " مع أن اللقب أشهر ; فيكون في كل واحد منهما خفاء بانفراده ويرفع بالانضمام .

وقال سيبويه : جعل " يا هذا ذا الجمة " عطف بيان ، مع أن اسم الإشارة أعرف من المضاف إلى ذي اللام .

[ ص: 42 ] وقيل : يشترط أن يكون عطف البيان معرفة ، والصحيح أنه ليس بشرط كقولك : " لبست ثوبا جبة " .

وقد أعرب الفارسي من شجرة مباركة ( النور : 36 ) وكذا فكفارته إطعام عشرة مساكين ( المائدة : 89 ) وكذلك صاحب " المفتاح " في لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد ( النحل : 51 ) .

فإن قلت : ما الفرق بينه وبين الصفة ؟ قلت : عطف البيان وضع ليدل على الإيضاح باسم يختص به ، وإن استعمل في غير الإيضاح كالمدح في قوله تعالى : جعل الله الكعبة البيت الحرام ( المائدة : 97 ) فإن البيت الحرام عطف بيان جيء به للمدح لا للإيضاح ، وأما الصفة فوضعت لتدل على معنى حاصل في متبوعه ، وإن كانت في بعض الصور مفيدة للإيضاح للعلم بمتبوعها من غيرها .

وكقوله تعالى : إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله ( سبأ : 46 ) وقوله تعالى : آيات بينات مقام إبراهيم ( آل عمران : 97 ) .

وزعم الزمخشري في قوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ( الطلاق : 6 ) أن ( من وجدكم ) عطف بيان .

وهو مردود ; فإن العامل إنما يعاد في البدل لا في عطف البيان .

فإن قلت : ما الفرق بينه وبين البدل ؟ قلت : قال أبو جعفر النحاس : " ما علمت أحدا فرق بينهما إلا ابن كيسان ; فإن الفرق [ ص: 43 ] بينهما أن البدل يقرر الثاني في موضع الأول ، وكأنك لم تذكر الأول ، وعطف البيان أن تقدر أنك إن ذكرت الاسم الأول لم يعرف إلا بالثاني ، وإن ذكرت الثاني لم يعرف إلا بالأول ، فجئت بالثاني مبينا للأول قائما له مقام النعت والتوكيد .

قال : وتظهر فائدة هذا في النداء تقول : " يا أخانا زيد أقبل " على البدل ، كأنك رفعت الأول وقلت : " يا زيد أقبل " فإن أردت عطف البيان قلت : " يا أخانا زيد أقبل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية