الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في التزاحم على الحقوق المشتركة

                                                                                                                            ( الطريق النافذ ) بمعجمة ، ويعبر عنه بالشارع ، وبينه وبين الطريق عموم مطلق ; لأن الطريق عام في الصحاري والبنيان والنافذ وغيره ، والشارع خاص بالبنيان وبالنافذ .

                                                                                                                            وقول الجوجري بينهما عموم من وجه لاجتماعهما في نافذ في البنيان وانفراد الشارع في نافذ في البنيان ، والطريق في نافذ في الصحراء أو غير نافذ في البنيان غير صحيح ; إذ الصورة التي ذكرها لاجتماعهما ( لا يتصرف فيه ) بالبناء للمفعول ( بما يضر ) بفتح أوله ، فإن ضم عدي بالباء ( المارة ) في مرورهم فيه ; لأن الحق فيه لعامة المسلمين ، وتعبيره بذلك أولى من قول أصله بما يبطل المرور ; لأن كل ما أبطل ضر بخلاف العكس فعبارة المصنف أعم كما في الدقائق ( و ) على هذا ( لا يشرع ) أي يخرج ( فيه جناح ) أي روشن ( ولا ساباط ) أي سقيفة على حائطين والطريق بينهما ( يضرهم ) أي كل من الجناح والساباط ( بل ) للانتقال إلى بيان مفهوم يضرهم ( يشترط ارتفاعه ) أي كل منهما ( بحيث يمر تحته ) الماشي ( منتصبا ) من غير احتياج إلى مطأطأة رأسه ، إذ ما يمنع من ذلك إضرار حقيقي ، ويشترط مع هذا أن يكون على رأسه الحمولة العالية [ ص: 393 ] كما قاله الماوردي ، وأن لا يظلم الموضع كما اقتضاه كلام الشافعي وأكثر الأصحاب .

                                                                                                                            نعم لا اعتبار بإظلام خفيف ( وإن كان ممر الفرسان والقوافل فليرفعه بحيث يمر تحته المحمل ) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية ( على البعير مع أخشاب المظلة ) بكسر الميم فوق المحمل ; لأن ذلك قد يتفق وإن كان نادرا ، وحيث امتنع الإخراج هدمه الحاكم لا كل أحد كما رجحه في المطلب لما فيه من توقع الفتنة .

                                                                                                                            نعم لكل أحد مطالبته بإزالته ; لأنه من إزالة المنكر ، قاله سليم .

                                                                                                                            والأصل في ذلك ما صح { أنه صلى الله عليه وسلم نصب بيده ميزابا في دار عمه العباس إلى الطريق وكان شارعا لمسجده صلى الله عليه وسلم } وقيس به الجناح ونحوه ، ولإطباق الناس على فعل ذلك من غير إنكار .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في التزاحم على الحقوق

                                                                                                                            ( قوله : في التزاحم ) أي وما يتبعها كما لو صالحه على إجراء ماء الغسالة إلخ

                                                                                                                            ( قوله : لاجتماعهما ) خبر قوله : إذ الصورة ، والمراد أن الصورة التي ذكرها هي صورة اجتماعهما فجعلها للانفراد تارة والاجتماع أخرى غير صحيح

                                                                                                                            ( قوله : المارة ) أي جنسهم وسيعلم ما هنا وفي الجنايات أن الضرر المنفي ما لا يصبر عليه مما لا يعتاد لا مطلقا ا هـ حج ، وكتب عليه سم : يفهم منه أنه لا اعتبار بما لا يصبر عليه مما اعتيد فليراجع ا هـ .

                                                                                                                            أقول : والظاهر أنه غير مراد فيضر ; لأن عدم الصبر عليه عادة يدل على أن المشقة فيه قوية

                                                                                                                            ( قوله : وعلى هذا إلخ ) أشار به إلى أنه كان الأولى للمصنف أن يعبر بالفاء ; لأنه تفريع على ما قبله ، ويمكن أن يجاب بأنه لما كان ما ذكره ليس مستفادا بتمامه من عبارته لم يفرعه

                                                                                                                            ( قوله : أي روشن ) والمراد به هنا ما يبنيه صاحب الجدار في الشارع ولا يصل به إلى الجدار المقابل له سواء كان من خشب أو حجر

                                                                                                                            ( قوله : أي كل من الجناح إلخ ) دفع به ما يقال كان الأولى للمصنف أن يقول يضرانهم .

                                                                                                                            ( قوله : من ذلك ) أي من الانتصاب من غير مطأطأة

                                                                                                                            ( قوله : الحمولة ) بضم الحاء : أي الأحمال ، وعبارة المختار : الحمولة [ ص: 393 ] بالضم الأحمال ، وأما الحمول بالضم بلا هاء فهي الإبل التي عليها الهودج كان نساء أو لم يكن

                                                                                                                            ( قوله : وأن لا يظلم الموضع ) هو فاعل يظلم : يقال أظلم القوم إذا دخلوا في الظلام ( قوله بحيث يمر تحته إلخ ) أي فلو لم يكن ممر الفرسان والقوافل وأخرج الروشن والساباط ثم عرض ذلك فهل يكلف رفعه أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول قياسا على ما لو أشرع إلى ملكه ثم سبل ما تحت جناحه شارعا الآتي

                                                                                                                            ( قوله : وكسر الثانية ) أي وبالعكس أيضا كما في شرح البهجة الكبير

                                                                                                                            ( قوله : لا كل أحد ) أي فلو خالف وهدم عزر فقط ، ولا ضمان فيما يظهر ; لأنه مستحق الإزالة ، فأشبه المهدر كالزاني المحصن إذا قتله غير الإمام فإنه يعزر لافتياته على الإمام ولا ضمان عليه

                                                                                                                            ( قوله : ولإطباق الناس ) الأولى : وإطباق بالرفع عطفا على ما صحح .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . [ ص: 392 ] ( فصل ) في التزاحم على الحقوق ( قوله : ويعبر عنه بالشارع ) هذا لا يلائم إطلاقه ما سيأتي بعده من اختصاصه بالبنيان بخلاف الطريق . ( قوله : إذ الصورة التي ذكرها ) يعني لانفراد الشارع إذ هي عين ما قبلها ، بل وقوله : والطريق في نافذ في الصحراء قاصر أيضا ; إذ ينفرد الطريق بكونه في الصحراء نافذا أو غير نافذ ، وفي نسخة شطب على قوله في البنيان من صورة الاجتماع ، ولا بد منه وإلا لكانت متحدة مع ما بعدها فلتراجع عبارة الجوجري .




                                                                                                                            الخدمات العلمية