الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا

                                                                                                                                                                                                                                        وآتوا اليتامى أموالهم أي إذا بلغوا، واليتامى جمع يتيم وهو الذي مات أبوه، من اليتم وهو الانفراد.

                                                                                                                                                                                                                                        ومنه الدرة اليتيمة، إما على أنه لما جرى مجرى الأسماء كفارس وصاحب جمع على يتائم، ثم قلب فقيل يتامى أو على أنه جمع على يتمى كأسرى لأنه من باب الآفات. ثم جمع يتمى على يتامى كأسرى وأسارى، والاشتقاق يقتضي وقوعه على الصغار والكبار، لكن العرف خصصه بمن لم يبلغ. ووروده في الآية إما للبالغ على الأصل أو الاتساع لقرب عهدهم بالصغر، حثا على أن يدفع إليهم أموالهم أول بلوغهم قبل أن يزول عنهم هذا الاسم إن أونس منهم الرشد، ولذلك أمر بابتلائهم صغارا أو لغير البلغ والحكم مقيد فكأنه قال [ ص: 59 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وآتوهم إذا بلغوا. ويؤيد الأول ما

                                                                                                                                                                                                                                        روي: أن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ طلب المال منه فمنعه فنزلت. فلما سمعها العم قال: أطعنا الله ورسوله نعوذ بالله من الحوب الكبير.

                                                                                                                                                                                                                                        ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم، أو الأمر الخبيث وهو اختزال أموالهم بالأمر الطيب الذي هو حفظها. وقيل ولا تأخذوا الرفيع من أموالهم وتعطوا الخسيس مكانها، وهذا تبديل وليس بتبدل.ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ولا تأكلوها مضمومة إلى أموالكم، أي لا تنفقوهما معا ولا تسووا بينهما، وهذا حلال وذاك حرام وهو فيما زاد على قدر أجره لقوله تعالى: فليأكل بالمعروف إنه الضمير للأكل. كان حوبا كبيرا ذنبا عظيما. وقرئ حوبا وهو مصدر حاب حوبا وحابا كقال قولا وقالا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية