الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
201 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " . رواه مسلم .

التالي السابق


201 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن ) : جمع معدن ، والمراد به مستقر الأخلاق كذا ذكره الأبهري ( كمعادن الذهب والفضة ) : وغيرهما إلى أن ينتهي إلى الأدنى ، فمن كان استعداده أقوى كانت فضيلته أتم ، وفيه إشارة إلى أن ما في معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق ينبغي أن يستخرج برياضة النفوس كما تستخرج جواهر المعادن بالمقاساة والتعب كذا ذكره ابن الملك . وقال الطيبي : المعدن المستقر من عدنت البلد إذا توطنته ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر ، ومعادن خبر المبتدأ ، ولا يصح حمله إلا بأحد وجهين : إما على التشبيه كقولك : زيد أسد وحينئذ يكون كمعادن الذهب بدلا منه أي : الناس كمعادن الذهب ، وإما على أن المعادن مجاز عن التفاوت ، فالمعنى أن الناس متفاوتون يعني في مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات تفاوتا مثل تفاوت معادن الذهب ، والمراد بالتفاوت تفاوت النسب في الشرف والضعة يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر " فعن معادن العرب تسألونني ؟ " قالوا : نعم أي أصولها التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها ، وإنما جعلت معادن لما فيها من معنى الاستعدادات المتفاوتة ، فمنها قابلة لفيض الله سبحانه على مراتب المعادن ، ومنها غير قابلة . وقوله : ( خيارهم في الجاهلية ) : إلخ . جملة مبينة ، شبههم بالمعادن في كونها أوعية للجواهر النفيسة والفلزات المنتفع بها ، المعني بها العلوم والحكم ، فالتفاوت في الجاهلية بحسب الأنساب ، وفي الإسلام بالأحساب ، ولا يعتبر الأول إلا بالثاني ، فالمعنى خيارهم بمكارم الأخلاق في الجاهلية ( خيارهم في الإسلام ) : أيضا بها ( إذا فقهوا ) : بضم القاف ، وقيل بالكسر أي : إذا استووا في الفقه ، وإلا فالشرف للأفقه منه . قال في النهاية : فقه الرجل بالكسر إذا علم ، وفقه بالضم إذا صار فقيها عالما وجعله العرب خاصا بعلم الشريعة وتخصيصا بعلم الفروع . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية