الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( مسألة ) سئلت عنها وهي رجل . قال في كتاب وقفه أوقف كاتبه الدار الفلانية على ولده فلان ثم بعده على أولاده الثلاثة فلان وفلان وفلان وعلى من يحدثه الله له من الأولاد هل الضمير في قوله له يرجع إلى الواقف أو إلى الولد ( فأجبت ) أن الظاهر عوده على الولد لأنه الأقرب وهو الذي يدل عليه السياق فقال السائل أن الواقف قال في وصيته إني أوقفت الدار على ولدي فلان وعلى من يحدثه الله لي من الأولاد فبين مرجع الضمير فأجبت بأنه يقبل قوله فإن ابن رشد قال في أجوبته يجب أن يتبع قول المحبس في وجوه تحبيسه فما كان من نص جلي لو كان حيا فقال إنه أراد ما يخالفه لم يلتفت إلى قوله ووجب أن يحكم به ولا يخالف حده فيه إلا أن يمنع منه مانع من جهة الشرع وما كان من كلام محتمل لوجهين فأكثر حمل على أظهر محتملاته إلا أن يعارض أظهرهما أصل فيحمل على [ ص: 23 ] الأظهر من باقيها إذا كان المحبس قد مات ففات أن يسأل عما أراد بقوله من محتملاته فيصدق فيه إذ هو أعرف بما أراد وأحق ببيانه من غيره انتهى .

                                                                                                                            فعلم منه إذا كان حيا وفسر اللفظ بأحد احتمالاته قبل تفسيره ولو كان خلاف الظاهر ولا يقبل قوله في الصريح إذا ادعى أنه أراد خلاف معناه والله أعلم .

                                                                                                                            ثم رأيت في مسائل الحبس من البرزلي إذا قال حبس على فلان وكل ولد يحدثه الله له فقط فالضمير عائد على الابن المحبس عليه لدلالة اللفظ عليه لأن الضمير يعود على الأقرب انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) قريب من هذا المعنى قال القرافي في الذخيرة في باب الحبس من كتاب الدعوى فرع وقع فيه النزاع بين فقهاء العصر وهو بعيد ينبغي الوقوف عليه وهو إذا قال الواقف فمن مات منهم فنصيبه لأهل طبقته وقد تقدم قبل هذا الشرط ذكر الواقف فبقي الضمير دائرا بين طبقة الواقف والموقوف عليه فينبغي تعيين المقصود في الكتابة وإذا نص على طبقة الموقوف عليه فيميز بين الأخ وابن العم مع ابن عمه الجميع أولاد عم وهو مع أخيه الكل إخوة فكلا الجهتين طبقة واحدة فينبغي أن يبين ذلك فيقول من إخوته أو يقول الأقرب فالأقرب فيتعين الأخ فإنه وإن كان في الطبقة وابن العم كذلك إلا أن الأخ أقرب فإن قال الأقرب فالأقرب فأفتوا بالتسوية في الشقيق والأخ للأب فإن حجب الشقيق له ليس بالقرب بل بالقرعة فإن قال طبقته وسكت فأفتى بعضهم بالأخ دون ابن العم . قال لأنه حمل اللفظ على أتم مراده وبعض الفقهاء يتوهم أنه إذا قيل في طبقته فلا احتمال فيه وليس كما قال لما بينت لك انتهى .

                                                                                                                            وقوله فلا احتمال فيه أنه إذا قيل في طبقته فإنما يدخل الإخوة فقط دون بني عم العم من غير احتمال فحاصله أنه إذا قيل رجع نصيبه لمن في طبقته ولم يزد على ذلك إنما يتنزل منزلته إخوته فقط دون بني عم إما أصالة كما قال بعضهم أو يحمل اللفظ على أتم مراده كما قاله القرافي والله أعلم وهو فرع حسن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية