الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر

                                                                                                          2168 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إسمعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق أنه قال أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون عن إسمعيل بن أبي خالد نحوه قال أبو عيسى وفي الباب عن عائشة وأم سلمة والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمر وحذيفة وهذا حديث صحيح وهكذا روى غير واحد عن إسمعيل نحو حديث يزيد ورفعه بعضهم عن إسمعيل وأوقفه بعضهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ) الأحمسي مولاهم البجلي ، ثقة ثبت من الرابعة .

                                                                                                          قوله : ( قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) أي الزموا حفظ أنفسكم عن المعاصي فإذا حفظتم أنفسكم لم يضركم إذا عجزتم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضلال من ضل بارتكاب المناهي إذا اهتديتم إلى اجتنابها ( وإني ) أي أنكم تقرءون هذه الآية ، وتجرون على عمومها ، وتمتنعون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس كذلك فإني ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس ) أي المطيقين لإزالة المنكر مع سلامة العافية ( إذا رأوا الظالم ) أي علموا ظلمه وفسقه وعصيانه ( فلم يأخذوا على يديه ) أي لم يكفوه عن الظلم بقول أو فعل ( أوشك ) بفتح الهمزة والشين أي قارب أو أسرع ( أن يعمهم الله بعقاب منه ) إما في الدنيا أو الآخرة أو فيهما ، لتضييع فرض الله بلا عذر ، قال أبو عبيدة : خاف الصديق أن يتأول الناس الآية غير تأويلها ، فيدعوهم إلى ترك الأمر بالمعروف فأعلمهم أنها ليست كذلك ، وأن الذي أذن في الإمساك عن تغييره عن المنكر هو الشرك الذي ينطق به المعاهدون من أجل أنهم يتدينون به ، وقد صولحوا عليه ، فأما الفسوق والعصيان والريب من أهل الإسلام فلا يدخل فيه ، وقال النووي : وأما قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم الآية فليست مخالفة لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ; لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى فإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف إذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك عليه ، لكونه أدى ما عليه ، ويأتي باقي الكلام على هذه الآية في تفسير سورة المائدة ، وحديث أبي بكر هذا أخرجه الترمذي في تفسير سورة المائدة ، وقال هذا حديث حسن صحيح .

                                                                                                          [ ص: 325 ] قوله : ( وفي الباب عن عائشة وأم سلمة والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمر وحذيفة ) أما حديث عائشة فأخرجه ابن حبان في صحيحه ، وأما حديث أم سلمة فأخرجه أحمد وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه البخاري والترمذي وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه الأصبهاني ، وأما حديث حذيفة فأخرجه الترمذي في الباب الذي يليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية