الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4519 (57) باب فضائل جليبيب

                                                                                              [ 2381 ] عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه ، فقال لأصحابه : هل تفقدون من أحد؟ قالوا : نعم ؛ فلانا وفلانا وفلانا . ثم قال : هل تفقدون من أحد؟ قالوا : نعم ؛ فلانا وفلانا . ثم قال : "هل تفقدون من أحد؟ قالوا : لا . قال : لكني أفقد جليبيبا ، فاطلبوه" ! فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه فقال : "قتل سبعة ثم قتلوه ، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه" . قال : فوضعه على ساعديه ، ليس له إلا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فحفر له ووضع في قبره - ولم يذكر غسلا .

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 421 ) ومسلم (2472)، والنسائي في الكبرى (8246).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (57) ومن باب : فضائل جليبيب رضي الله عنه

                                                                                              وكان رجلا من ثعلبة ، وكان حليفا في الأنصار ، قال ابن سعد : سمعت من يذكر ذلك . روى أنس بن مالك قال : كان رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقال له جليبيب ، وكان في وجهه دمامة ، فعرض عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التزويج ، فقال : إذن [ ص: 389 ] تجدني كاسدا يا رسول الله ! فقال : " إنك عند الله لست بكاسد " . وفي غير كتاب مسلم من حديث أبي برزة في تزويج جليبيب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل من الأنصار : " يا فلان ، زوجني ابنتك " ، قال : نعم ، ونعمة عين ! قال : " إني لست لنفسي أريدها " ، قال : فلمن ؟ قال : " لجليبيب " ، قال : حتى أستأمر أمها ! فأتاها وأخبرها بذلك ، فقالت : حلقى ، ألجليبيب ؟ ! لا لعمر الله ، لا أزوج جليبيبا ! فلما قام أبوها ليأتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت الفتاة من خدرها لأبويها : من خطبني إليكما ؟ قالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : أفتردان على رسول الله أمره ؟ ! ادفعاني إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه لن يضيعني ! فذهب أبوها للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره بذلك وقال : شأنك بها . فزوجها جليبيبا ، ودعا لهما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : " اللهم صب عليهما الرزق صبا صبا ، ولا تجعل عيشهما كدا كدا " - ثم ذكر باقي الحديث على ما في كتاب مسلم .

                                                                                              وقوله " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مغزى له " ؛ أي في غزوة .

                                                                                              وقوله " هل تفقدون أحدا ؟ " ، هذا الاستفهام ليس مقصوده استعلام كونهم فقدوا أحدا ممن يعز عليهم فقده ، إذ ذاك كان معلوما له بالمشاهدة ، وإنما مقصوده التنويه والتفخيم بمن لم يحفلوا به ولا التفتوا إليه، لكونه كان غامضا في الناس ، [ ص: 390 ] ولكون كل واحد منهم أصيب بقريبه أو حبيبه فكان مشغولا بمصابه لم يتفرغ منه إلى غيره ، ولما أطلع الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ما كان من حال جليبيب من قتله السبعة الذين وجدوا إلى جنبه نوه باسمه وعرف بقدره ، فقال : " لكني أفقد جليبيبا " ؛ أي : فقده أعظم من فقد كل من فقد ، والمصاب به أشد - ثم إنه أقبل بإكرامه عليه ووسده ساعديه مبالغة في كرامته ، ولتناله بركة ملامسته .

                                                                                              وجليبيب : تصغير جلباب ، سمي به الرجل .




                                                                                              الخدمات العلمية