الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وحسب ربح ما له عين قائمة . كصبغ ، وطرز ، وقصر ، وخياطة ، وفتل ، [ ص: 265 ] وكمد ، وتطرية وأصل ما زاد في الثمن : كحمولة ، [ ص: 266 ] وشد ، وطي اعتيد أجرتهما ، وكراء بيت لسلعة ، وإلا لم يحسب ، كسمسار لم يعتد

التالي السابق


( وحسب ) بضم الحاء المهملة وكسر السين على المشتري بالمرابحة من غير بيان ما يربح له وما لا يربح له ، وإنما وقع على ربح العشرة أحد عشر مثلا ، ونائب فاعل حسب ( ما ) أي فعل ( له عين ) أي أثر وصفة ( قائمة ) أي مشاهدة بحاسة من الحواس الخمس ( كصبغ ) البناني الظاهر أنه يشمل المصبوغ به كزعفران إذا لم يكن من عنده ، والعمل إن كان استأجر عليه فيحسب أصله وربحه زيادة على ثمن السلعة الذي اشتراها به ، فإن كان عمله بنفسه أو عمل له بلا أجرة فلا يحسبه ولا ربحه ( وطرز ) بفتح الطاء المهملة وسكون الراء أي نقش في الثوب بحرير أو غيره بإبرة ( وقصر ) بفتح القاف وسكون الصاد المهملة أي تبييض للثوب ( وخياطة وفتل ) بفتح الفاء وسكون الفوقية لنحو حرير [ ص: 265 ] وكمد ) بفتح الكاف وسكون الميم أي دق للشقة لتصفق وتحسن ( وتطرية ) للثياب بالندى لتلين وتذهب خشونتها في النكت لو تولى الطرز والصبغ ونحوهما فلا يجوز أن يحسبه ويحسب له الربح لأنه يصير كمن وظف على سلعته ثمنا باجتهاده ، فإنما يصح ما في الكتاب إذا كان قد استأجر على ذلك ا هـ ابن يونس بعض أصحابنا إنما يصح ما في الكتاب في الصبغ والخياطة والقصارة إذا كان قد استأجر على ذلك غيره ، فإن عمل ذلك بيده أو عمله له غيره بلا أجرة فلا يجوز أن يحسبه ويحسب له الربح إلا أن يبين ذلك كله ، وإلا فهو كمن وظف على سلع اشتراها ثمنها أو رقم على سلعة ورثها أو وهبت له ثمنا .

( و ) حسب ( أصل ما زاد في الثمن ) أي قيمة المبيع ولا أثر له مشاهد ولا يحسب ربحه ( كحمولة ) بفتح الحاء المهملة ، أي الإبل التي تحمل الأحمال وأجرة حملها فهو مشترك بينهما ; والمراد هنا الثاني قاله الشاذلي وقال غيره : الحمولة بالفتح الإبل وبالضم الأحمال والحمول بلا تاء الهوادج سواء كان بها نساء أم لا ، فإذا اشتراها بعشرة واستأجر على حملها بخمسة وعلى شدها وطيها بخمسة فإنه يحسب العشرة التي اشترى بها وربحها ، ويحسب عشرة الحمل والشد والطي دون ربحها وقيد اللخمي الحمولة بكونها زادت في القيمة بأن حملت من بلد رخص إلى بلد غلاء لرغبة المشتري فيها حينئذ ، فإن حملت لمساو فلا تحسب ، وإن حملت من بلد غلاء لبلد رخص فلا يبيعها إلا ببيان ذلك وإن لم يحسب الحمل لأن الرغبة تقل فيها حينئذ واستحسنه المازري وهو ظاهر المصنف إلا إذا أراد بما زاد ما شأنه ذلك كظاهر إطلاق ابن يونس وابن رشد وغير واحد ابن عرفة ويرد تقييد اللخمي بكون سعر البلد المنقول إليه أغلى بأن النقل للتجر مظنة ذلك ، ولا يبطل اعتبار المظنة بفوت الحكمة على المعروف ا هـ .

والحاصل أن اللخمي اعتبر حصول الزيادة بالفعل ، ومقتضى إطلاق غيره أنه يكفي كونه مظنة للزيادة وهو المذهب [ ص: 266 ] ( و ) حسب كراء ( شد وطي اعتيد أجرتهما ) ولا يحسب له ربح ، فإن لم تعتد أجرتهما فلا يحسب كتوليهما بنفسه ( و ) حسب أصل ( كراء بيت لسلعة ) وحدها لا له ولها ولو لم تكن تبعا فلا يحسب لأنه توظيف عليها إلا أن يبين له ذلك ويرضى قاله الجلاب ( وإلا ) أي وإن لم يكن للفعل عين قائمة ولا أثر زيادة في القيمة ولم تعتد أجرة الشد والطي ولم يكن البيت لخصوص السلعة ( لم يحسب ) أصل ذلك ولا ربحه وشبه في عدم الحساب فقال : ( ك ) أجر ( سمسار لم يعتد ) بضم أوله ، فإن اعتيد أن لا يشتري المتاع إلا بواسطته حسب أجره دون ربحه على مذهب المدونة والموطإ واختاره ابن المواز ، وقال عبد الوهاب : يحسب ربحه أيضا وصححه ابن الحاجب ، ولكنه لا يعادل الأول قاله عج ، وفيه نظر ، فإن الذي في الشارح أن ما في المدونة والموطإ إنما هو فيما لم يعتد وهو منطوق المصنف ، وأما إن اعتيد وهو مفهومه فيحسب أصله لا ربحه عند ابن المواز وقال عبد الوهاب : يحسب أصله وربحه واختاره ابن محرز ، وظاهر الشارح أنه مقابل ، وهكذا في الشيخ " س " أفاده عب البناني حاصل ما ذكروه أن السمسار إذا لم يعتد بأن كان من الناس من يتولى الشراء بنفسه ففيه ثلاثة أقوال ومذهب المدونة والموطإ لا يحسب لا هو ولا ربحه ، كذا في التوضيح ، وعليه مشى المصنف هنا وأما إن اعتيد بأن كان المبتاع لا يشترى إلا بسمسار فقال أبو محمد وابن رشد : يحسب أصله دون ربحه وقال ابن محرز : يحسب هو وربحه .




الخدمات العلمية