الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وآخر من شكله أزواج ( 58 ) هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار ( 59 ) ) .

قوله تعالى : ( وآخر ) : يقرأ على الجمع ؛ وفيه وجهان ؛ أحدهما : هو مبتدأ .

و " من شكله " : نعت له ؛ أي من شكل الحميم ، و " أزواج " : خبره .

والثاني : أن يكون الخبر محذوفا ؛ أي ولهم أخر ؛ و " من شكله " و " أزواج " صفتان .

ويجوز أن يكون " من شكله " صفة ، و " أزواج " يرتفع بالجار .

وذكر الضمير ، لأن المعنى من شكل ما ذكرنا .

ويقرأ على الإفراد وهو معطوف على حميم ، و " من شكله " نعت له ، و " أزواج " يرتفع بالجار .

ويجوز أن يرتفع على تقدير هي ؛ أي الحميم .

والنوع الآخر قوله تعالى : ( مقتحم ) أي النار .

و ( معكم ) : يجوز أن يكون حالا من الضمير في مقتحم ، أو من ( فوج ) ؛ لأنه قد وصف ؛ ولا يجوز أن يكون ظرفا ، لفساد المعنى . ويجوز أن يكون نعتا ثانيا .

و ( لا مرحبا ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ؛ أي هذا فوج مقولا له : لا مرحبا .

[ ص: 361 ] ومرحبا : منصوب على المصدر ، أو على المفعول به ؛ أي لا يسمعون مرحبا .

قال تعالى : ( قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار ( 61 ) ) .

قوله تعالى : ( من قدم ) : هي بمعنى الذي . و " فزده " : الخبر .

ويجوز أن يكون " من " نصبا ؛ أي فزد من قدم .

وقيل : هي استفهام بمعنى التعظيم ؛ فيكون مبتدأ ، وقدم الخبر ، ثم استأنف . وفيه ضعف .

و ( ضعفا ) : نعت لعذاب ؛ أي مضاعفا .

و ( في النار ) : ظرف لزد .

ويجوز أن يكون حالا من الهاء ؛ أي زده كائنا في النار ؛ وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب ، أو حالا ؛ لأنه قد وصف .

قال تعالى : ( أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ( 63 ) ) .

قوله تعالى : ( أتخذناهم ) : يقرأ بقطع الهمزة ؛ لأنها للاستفهام ؛ وبالوصل على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه . وقيل : الأول خبر ، وهو وصف في المعنى لرجال . و " أم " استفهام ؛ أي أهم مفقودون أم زاغت .

و ( سخريا ) : قد ذكر في " المؤمنون " .

قال تعالى : ( إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ( 64 ) ) .

قوله تعالى : ( تخاصم أهل النار ) : هو بدل من " حق " أو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو تخاصم .

ولو قيل : هو مرفوع لحق لكان بعيدا ؛ لأنه يصير جملة ، ولا ضمير فيها يعود على اسم " إن " .

قال تعالى : ( رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( رب السماوات ) : يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وأن يكون صفة ، وأن يكون بدلا ، وأن يكون مبتدأ ، والخبر " العزيز " .

[ ص: 362 ] قال تعالى : ( ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ( 69 ) إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ( 70 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ يختصمون ) : هو ظرف لعلم .

و ( أنما ) : مرفوع بيوحى إلي .

وقيل : " إلي " قائم مقام الفاعل ؛ وإنما في موضع نصب ؛ أي أوحي إلي الإنذار ، أو بأني نذير .

قال تعالى : ( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ قال ) : أي اذكر إذ قال .

( من طين ) : يجوز أن يكون نعتا لبشر ، وأن يتعلق بخالق .

قال تعالى : ( قال فالحق والحق أقول ( 84 ) ) .

قوله تعالى : ( فالحق ) في نصبه وجهان ؛ أحدهما : مفعول لفعل محذوف ؛ أي فأحق الحق ، أو فاذكر الحق . والثاني : على تقدير حذف القسم ؛ أي فبالحق لأملأن .

( والحق أقول ) : معترض بينهما . وسيبويه يدفع ذلك ؛ لأنه لا يجوز حذفه إلا مع اسم الله عز وجل .

ويقرأ بالرفع ؛ أي فأنا الحق ، أو فالحق مني .

وأما " الحق " الثاني فنصبه بأقول ؛ ويقرأ على تقدير تكرير المرفوع قبله ، أو على إضمار مبتدأ ؛ أي قولي الحق ؛ ويكون " أقول " على هذا مستأنفا موصولا بما بعده ؛ أي أقول لأملأن .

وقيل : يكون " أقول " خبرا عنه والهاء محذوفة ؛ أي أقوله . وفيه بعد .

قال تعالى : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ( 88 ) ) .

قوله تعالى : ( ولتعلمن ) أي لتعرفن ، وله مفعول واحد ، وهو " نبأه " ويجوز أن يكون متعديا إلى اثنين ، والثاني : " بعد حين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية