[ ص: 516 ] القول في تأويل قوله تعالى (
nindex.php?page=treesubj&link=29007_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ( 37 )
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ( 38 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ودليل لهم أيضا على قدرة الله على فعل كل ما شاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37الليل نسلخ منه النهار ) يقول : ننزع عنه النهار . ومعنى " منه " في هذا الموضع : عنه ، كأنه قيل : نسلخ عنه النهار ، فنأتي بالظلمة ونذهب بالنهار . ومنه قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) أي : خرج منها وتركها ، فكذلك انسلاخ الليل من النهار . وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37فإذا هم مظلمون ) يقول : فإذا هم قد صاروا في ظلمة بمجيء الليل .
وقال
قتادة في ذلك ما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ) قال : يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، وهذا الذي قاله
قتادة في ذلك عندي ، من معنى سلخ النهار من الليل ، بعيد ، وذلك أن إيلاج الليل في النهار ، إنما هو زيادة ما نقص من ساعات هذا في ساعات الآخر ، وليس السلخ من ذلك في شيء ، لأن النهار يسلخ من الليل كله ، وكذلك الليل من النهار كله ، وليس يولج كل الليل في كل النهار ، ولا كل النهار في كل الليل .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها ) يقول - تعالى ذكره - : والشمس تجري لموضع قرارها ، بمعنى : إلى موضع قرارها ; وبذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
جابر بن نوح قال : ثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الغفاري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811745كنت جالسا عند النبي صلى الله [ ص: 517 ] عليه وسلم في المسجد ، فلما غربت الشمس قال : يا أبا ذر هل تدري أين تذهب الشمس ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب فتسجد بين يدي ربها ، ثم تستأذن بالرجوع فيؤذن لها ، وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مكانها وذلك مستقرها " .
وقال بعضهم في ذلك بما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها ) قال : وقت واحد لا تعدوه .
وقال آخرون : معنى ذلك : تجري لمجرى لها إلى مقادير مواضعها ، بمعنى : أنها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب ، ثم ترجع ولا تجاوزه . قالوا : وذلك أنها لا تزال تتقدم كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38ذلك تقدير العزيز العليم ) يقول : هذا الذي وصفنا من جري الشمس لمستقر لها ، تقدير العزيز في انتقامه من أعدائه ، العليم بمصالح خلقه ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، لا يخفى عليه خافية .
[ ص: 516 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=treesubj&link=29007_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ( 37 )
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ( 38 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَدَلِيلٌ لَهُمْ أَيْضًا عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ مَا شَاءَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ ) يَقُولُ : نَنْزِعُ عَنْهُ النَّهَارَ . وَمَعْنَى " مِنْهُ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : عَنْهُ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : نَسْلَخُ عَنْهُ النَّهَارَ ، فَنَأْتِي بِالظُّلْمَةِ وَنَذْهَبُ بِالنَّهَارِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا ) أَيْ : خَرَجَ مِنْهَا وَتَرَكَهَا ، فَكَذَلِكَ انْسِلَاخُ اللَّيْلِ مِنَ النَّهَارِ . وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ) يَقُولُ : فَإِذَا هُمْ قَدْ صَارُوا فِي ظُلْمَةٍ بِمَجِيءِ اللَّيْلِ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ) قَالَ : يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ، وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
قَتَادَةُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي ، مِنْ مَعْنَى سَلْخِ النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ ، بَعِيدٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ إِيلَاجَ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ ، إِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ مَا نَقَصَ مِنْ سَاعَاتِ هَذَا فِي سَاعَاتِ الْآخَرِ ، وَلَيْسَ السَّلْخُ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ ، لِأَنَّ النَّهَارَ يُسْلَخُ مِنَ اللَّيْلِ كُلِّهُ ، وَكَذَلِكَ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ كُلِّهُ ، وَلَيْسَ يُولَجُ كُلُّ اللَّيْلِ فِي كُلِّ النَّهَارِ ، وَلَا كُلُّ النَّهَارِ فِي كُلِّ اللَّيْلِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمَوْضِعِ قَرَارِهَا ، بِمَعْنَى : إِلَى مَوْضِعِ قَرَارِهَا ; وَبِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : ثَنَا
جَابِرُ بْنُ نُوحٍ قَالَ : ثَنَا
الْأَعْمَشُ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811745كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ [ ص: 517 ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ الشَّمْسُ ؟ قَلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا تَذْهَبُ فَتَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهَا ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ بِالرُّجُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا ، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَكَانِهَا وَذَلِكَ مُسْتَقَرُّهَا " .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ) قَالَ : وَقْتٌ وَاحِدٌ لَا تَعْدُوهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تَجْرِي لِمَجْرَى لَهَا إِلَى مَقَادِيرِ مَوَاضِعِهَا ، بِمَعْنَى : أَنَّهَا تَجْرِي إِلَى أَبْعَدِ مَنَازِلِهَا فِي الْغُرُوبِ ، ثُمَّ تَرْجِعُ وَلَا تُجَاوِزُهُ . قَالُوا : وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَزَالُ تَتَقَدَّمُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَبْعَدِ مَغَارِبِهَا ثُمَّ تَرْجِعُ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يَقُولُ : هَذَا الَّذِي وَصَفْنَا مِنْ جَرْيِ الشَّمْسِ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ، الْعَلِيمِ بِمَصَالِحِ خَلْقِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ .