الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( وإن ادعى على أحد المتفاوضين مالا من كفالة ، وحوله عليه ; فله أن يحلف شريكه عليه أيضا ) في قول أبي حنيفة رضي الله عنه . وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ليس له ذلك . وأصل المسألة أن أحد المتفاوضين إذا كفل بمال فإن ذلك يلزم شريكه في [ ص: 196 ] قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه . وفي قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله لا يلزم شريكه . وجه قولهما : إن الكفالة تبرع بدليل أنه لا يصح ممن ليس من أهل التبرع ، كالمأذون والمكاتب ، وأنه إذا حصل من المريض كان معتبرا من ثلاثة ، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فيما يلزمه بالتجارة دون التبرع . ألا ترى أن الهبة والصدقة من أحدهما لا تصح في حق شريكه ، فكذلك الكفالة ولأبي حنيفة رحمه الله طريقان ( أحدهما ) : أن الكفالة من مقتضيات المفاوضة ; فإن كل واحد من المتفاوضين يكون كفيلا عن صاحبه كما يكون وكيلا عن صاحبه فيما يجب على أحدهما بالكفالة دين واجب بما هو من مقتضيات المفاوضة ، فيكون ملزما شريكه . كما لو توكل أحدهما عن إنسان بشراء شيء كان شريكه مطالبا بثمنه . ( والثاني ) : أن الكفالة تبرع في الابتداء ولكنها إذا صحت انقلبت مفاوضة . ألا ترى أن الكفيل يرجع بما يؤدي على المكفول عنه إذا كفل بأمره ، وقد صحت الكفالة هنا والذي كفل صار مطالبا بالمال ، ولما صحت الكفالة انقلبت مفاوضة ، وما يوجب على أحدهما بمفاوضة مال بمال يطالب بها الشريك كالدين الواجب بالشراء بخلاف كفالة المديون والمكاتب والمأذون والمريض فيما زاد على الثلث ; فإن ذلك غير صحيح أصلا ، فلا يكون مفاوضة . وقد يجوز أن يكون تبرعا في الابتداء ، مفاوضة في الانتهاء ، كالهبة بشرط العوض ; فإنه تبرع في الابتداء ، ثم إذا اتصل به القبض من الجانبين كان مفاوضة . وإذا ثبت أن كفالة أحدهما يلزم شريكه عند أبي حنيفة رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية