الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2459 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقالت يا رسول الله إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس قال وصفوان عنده قال فسأله عما قالت فقال يا رسول الله أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها قال فقال لو كانت سورة واحدة لكفت الناس وأما قولها يفطرني فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس قال فإذا استيقظت فصل قال أبو داود رواه حماد يعني ابن سلمة عن حميد أو ثابت عن أبي المتوكل [ ص: 105 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 105 ] ( ويفطرني ) : بالتشديد أي يأمرني بالإفطار ( فإنها تقرأ بسورتين ) : أي تقرأ بسورتين طويلتين في ركعة أو في ركعتين ( وقد نهيتها ) : أي عن تطويل القراءة وإطالة الصلاة ( قال ) : أبو سعيد ( فقال ) : رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو كانت ) : اسمه يعود إلى مصدر تقرأ أي لو كانت القراءة بعد الفاتحة ( سورة واحدة ) ؛ أي : أي سورة كانت ولو أقصرها .

                                                                      وقال الطيبي : لو كانت القراءة سورة واحدة وهي الفاتحة ( لكفت الناس ) : أي لأجزأتهم كفتهم جمعا وأفرادا كذا في المرقاة ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها ) : قال الخطابي : في هذا الحديث من الفقه أن منافع المتعة والعشرة من الزوجة مملوكة للزوج في عامة الأحوال ، وأن حقها في نفسها محصور في وقت دون وقت ، وفيه أن للزوج أن يضربها ضربا غير مبرح إذا امتنعت عليه من إيفاء الحق وإجمال العشرة ، وفيه دليل على أنها لو أحرمت بالحج كان له منعها وحصرها ; لأن حقه عليها معجل وحق الله متراخ ، وإلى هذا [ ص: 106 ] ذهب عطاء بن أبي رباح ، ولم يختلف العلماء في أن له منعها من حج التطوع ( فإنا أهل بيت ) : أي أنا أهل صنعة لا ننام الليل ( قد عرف لنا ذلك ) : أي عادتنا ذلك وهي أنهم كانوا يسقون الماء في طول الليالي ( لا نكاد نستيقظ ) : أي إذا رقدنا آخر الليل ( قال فإذا استيقظت فصل ) : ذلك أمر عجيب من لطف الله سبحانه بعباده ومن لطف نبيه صلى الله عليه وسلم ورفقه بأمته ، ويشبه أن يكون ذلك منه على معنى ملكة الطبع واستيلاء العادة فصار كالشيء المعجوز عنه ، وكان صاحبه في ذلك بمنزلة من يغمى عليه ، فعذر فيه ولم يثرب عليه .

                                                                      ويحتمل أن يكون ذلك إنما كان يصيبه في بعض الأوقات دون بعض ، وذلك إذا لم يكن بحضرته من يوقظه ويبعثه من المنام فيتمادى به النوم حتى تطلع الشمس دون أن يكون ذلك منه في عامة الأحوال فإنه يبعد أن يبقى الإنسان على هذا في دائم الأوقات وليس بحضرته أحد لا يصلح هذا القدر من شأنه ولا يراعي مثل هذا من حاله ولا يجوز أن يظن به الامتناع من الصلاة في وقتها ذلك مع زوال العذر بوقوع التنبيه والإيقاظ ممن يحضره ويشاهده والله أعلم ( عن أبي المتوكل ) : الناجي البصري .

                                                                      والحاصل أن أبا صالح ليس بمتفرد بهذه الرواية عن أبي سعيد بل تابعه أبو المتوكل عنه ثم الأعمش ليس بمتفرد أيضا بل تابعه حميد أو ثابت وكذا جرير ليس بمتفرد بل تابعه حماد بن سلمة .

                                                                      وفي هذا كله رد على الإمام أبي بكر البزار وسيجيء كلامه .

                                                                      قال المنذري : قال أبو بكر البزار هذا الحديث كلامه منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                      وقال : ولو ثبت احتمل إنما يكون إنما أمرها بذلك استحبابا ، وكان صفوان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أتت نكرة هذا الحديث أن الأعمش لم يقل حدثنا أبو صالح فأحسب أنه أخذه عن غير ثقة وأمسك عن ذكر الرجل فصار الحديث ظاهر إسناده حسن وكلامه منكر لما فيه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمدح هذا الرجل ويذكره بخير ، وليس للحديث عندي أصل .

                                                                      [ ص: 107 ] 2457 - ( إذا دعي أحدكم فليجب ) : أي الدعوة ( فإن كان مفطرا فليطعم ) : أي فليأكل ندبا ، وقيل : وجوبا . قاله ابن حجر .

                                                                      والأظهر أنه يجب إذا كان يتشوش خاطر الداعي ويحصل به المعاداة إن كان الصوم نفلا ، وإن كان يعلم أنه يفرح بأكله ولم يتشوش بعدمه فيستحب ، وإن كان الأمران مستويين عنده فالأفضل أن يقول إني صائم سواء حضر أو لم يحضر ( وإن كان صائما فليصل ) قال الطيبي : أي ركعتين في ناحية البيت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم أخرجه البخاري .

                                                                      وقيل : فليدع لصاحب البيت بالمغفرة .

                                                                      وقال ابن الملك : بالبركة .

                                                                      أقول ظاهر حديث أم سليم أن يجمع بين الصلاة والدعاء .

                                                                      قال المظهر : والضابط عند الشافعي أنه إن تأذى المضيف بترك الإفطار أفطر فإنه أفضل وإلا فلا .

                                                                      كذا في المرقاة .

                                                                      قال المنذري : قال هشام وهو ابن حسان والصلاة الدعاء .

                                                                      وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي .

                                                                      76 - باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى طعام



                                                                      الخدمات العلمية