الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال [ تعالى : ( ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله ] تعالى : ( ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ) قد تقدم تفسيره في العنكبوت ، بقي بيان فائدة الخطاب هاهنا في قوله : ( فتمتعوا ) وعدمه هناك في قوله : ( وليتمتعوا فسوف يعلمون ) فنقول لما كان الضر المذكور هناك ضرا واحدا جاز أن لا يكون في ذلك الموضع من المخلصين من ذلك الضر أحد ، فلم يخاطب ، ولما كان المذكور هاهنا مطلق الضر ولا يخلو موضع من المخلصين عن الضر ، فالحاضر يصح خطابه بأنه منهم فخاطب .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون ) لما سبق قوله تعالى : ( بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم ) [ الروم : 29 ] أي المشركون يقولون ما لا علم لهم به ، بل هم عالمون بخلافه فإنهم وقت الضر يرجعون إلى الله ، حقق ذلك بالاستفهام بمعنى الإنكار ، أي ما أنزلنا بما يقولون سلطانا ، وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : أم للاستفهام ولا يقع إلا متوسطا ، كما قال قائلهم :


                                                                                                                                                                                                                                            أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آأنت أم أم سالم



                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 108 ] فما الاستفهام الذي قبله ؟ فنقول : تقديره إذا ظهرت هذه الحجج على عنادهم فماذا نقول ، أهم يتبعون الأهواء من غير علم ؟ أم لهم دليل على ما يقولون ؟ وليس الثاني فيتعين الأول .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( فهو يتكلم ) مجاز كما يقال إن كتابه لينطق بكذا ، وفيه معنى لطيف وهو أن المتكلم من غير دليل كأنه لا كلام له ; لأن الكلام هو المسموع ، وما لا يقبل فكأنه لم يسمع ، فكأن المتكلم لم يتكلم به ، وما لا دليل عليه لا يقبل ، فإذا جاز سلب الكلام عن المتكلم عند عدم الدليل وحسن جاز إثبات التكلم للدليل وحسن .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية