الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي قسمة الأشباه المشترك : إذا انهدم فأبى أحدهما العمارة ، فإن احتمل القسمة لا جبر وقسم وإلا بنى ثم آجره ليرجع وتمامه في شركة المنظومة المحبية ، وفيها : باع شريك شقصه لآخر ولو بلا إذن شريك ناظر     فيما عدا الخلط والاختلاط
وحوز ذاك البيع والتعاطي     ثم الشريك ههنا لو باعا
حصته من فرس وابتاعا [ ص: 336 ]     ذلك منه الأجنبي وهلكا
وكان ذا بغير إذن الشركا     فإن يشاءوا ضمنوا الشريك أو
من اشترى منه على ما قد رووا     وإن يكن كل شريك آجرا
حصة حمام له من آخرا     وكان شخص منهما قد أذنا
لذاك في تعميرها وبالبنا     فلا رجوع صاح للمستأجر
في ذا البنا على الشريك الآخر [ ص: 337 ]     لو واحد من الشريكين سكن
في الدار مدة مضت من الزمن     فليس للشريك أن يطالبه
بأجرة السكنى ولا المطالبه     بأنه يسكن من الأول
لكنه إن كان في المستقبل     يطلب أن يهايئ الشريكا
يجاب فافهم ودع التشكيكا

التالي السابق


( قوله : وإلا بنى ثم آجره ليرجع ) أي آجره بإذن القاضي ليأخذ ما أنفقه من الأجرة ، وهذا أحد قولين .

والثاني أن القاضي يأذن له بالإنفاق ثم يمنع صاحبه من الانتفاع به حتى يؤدي حصته ، وقدمنا عن شرح الوهبانية للشرنبلالي أن الفتوى على هذا القول .

وعبارة الأشباه كما ذكره الشارح في آخر القسمة " وإلا بنى ثم آجره " ليرجع بما أنفق لو بأمر قاض وإلا فبقيمة البناء وقت البناء . ا هـ . وقدمنا أن هذا التفصيل فيما لا يجبر فيه الشريك . ( قوله : باع شريك إلخ ) أي شركة الملك وهذه المسألة [ ص: 336 ] تقدمت متنا أول الباب عند قوله وكل أجنبي في مال صاحبه إلخ ( قوله : وهلكا ) أي الفرس والألف فيه للإطلاق والمراد أنه هلك بيد المشتري ( قوله : وكان ذا ) أي البيع المقرون بالتسليم إذ البيع وحده لا يوجب الضمان لعدم تحقق الغصب به كما ذكروه في كتاب الغصب . وفي البزازية قال : بعت الوديعة وقبضت ثمنها لا يضمن ما لم يقل دفعتها إلى المشتري ( قوله فإن يشاءوا إلخ ) أي الشركاء .

وفي الحامدية عن فتاوى قارئ الهداية والمنح : لهما دابة فباع أحدهما نصيبه وسلمها إلى المشتري بغير إذن شريكه فهلكت عند المشتري فالشريك يخير بين أن يضمن شريكه أو المشتري ، فإن ضمن الشريك جاز بيعه فنصف الثمن له ، وإن ضمن المشتري رجع بنصف الثمن على بائعه والبائع لا يرجع بما ضمن على أحد كما هو حكم الغاصب . ا هـ . وبه علم أن مبنى الضمان هو التسليم إلى المشتري بدون إذن الشركاء لا مجرد البيع كما قلنا فافهم .

ووجه الخيار هو أن البائع كالغاصب والمشتري كغاصب الغاصب ( قوله : وإن يكن كل شريك آجر إلخ ) هذه المسألة سئل عنها الإمام الفضلي وأجاب فيها بعدم الرجوع .

ثم قال : يحتمل أن يقال المستأجر يقوم مقام مؤجره فيما أنفق فيرجع على مؤجره وهو أي مؤجره على شريكه .

ويحتمل أن يقال : المستأجر إنما رجع على مؤجره بالأمر وأمره إنما يجوز على نفسه لا على غيره ، فالمستأجر متبرع في نصيب شريكه فلا يرجع على أحد . ا هـ .

وناقشه في جامع الفصولين بقوله : أقول : لو رم المؤجر بنفسه ، فلو كان له الرجوع على شريكه ينبغي أن يرجع المستأجر على مؤجره وهو على شريكه لصحة الأمر إذا أمر فيما له فعله فكأنه رم بنفسه ، فلا معنى لقوله وأمره إنما يجوز على نفسه لا على غيره ، ولو لم يكن له الرجوع إذا رم بنفسه لم يجز أمره على حق شريكه فلا رجوع ، فلا يفيد قوله يقوم مقام مؤجره .

فالحاصل أن أحد الاحتمالين باطل إلا أن يكون قولان في رجوع المؤجر لو رم بنفسه . والظاهر أن فيه قولين على ما يظهر مما تقدم ; ولو رمه المؤجر بنفسه يتأتى فيه ما مر من تفصيل المطالبة وتركها والحضور والغيبة وأمر القاضي وعدمه ، فينبغي أن يكون رجوعه على التفصيل . ا هـ . قلت : وهو كلام وجيه ، لكن تقدم عن فتاوى الفضلي أنه لو أنفق في مرمة الطاحون لم يكن متبرعا أي بناء على أن الآبي لا يجبر ، وهو مخالف للضابط المتقدم كما قدمنا تحريره ، فالظاهر أن كلام الفضلي هنا مبني على ما ذكره في فتاواه فيرجع لو رم بنفسه أو رم مأموره وهو المستأجر ; لأنه أمر بما يملك فعله فيرجع المستأجر عليه وهو يرجع على شريكه ، أما عدم رجوع المستأجر على شريك المؤجر فظاهر ; لأنه أجنبي عنه .

وقد كتب الشارح هنا على الهامش عند قوله فلا رجوع صلح للمستأجر إلخ ما نصه : قلت : ظاهره أنه يرجع على الآذن . بقي بم يرجع بكله أو بحصته فليراجع ا هـ . قلت : صريح عبارة الفضلي المارة أنه يرجع على الآذن وهو المؤجر ، وأنه يرجع بالكل على الاحتمال الأول وبحصة المؤجر فقط على الاحتمال الثاني ; لأنه جعله متبرعا في نصيب الشريك ، وإذا قلنا بأنه يثبت للشريك الرجوع فالظاهر أن مأموره يرجع عليه بالكل ، أما على مقتضى الضابط المار فلا رجوع للشريك ويرجع . [ ص: 337 ] المأمور عليه بحصته فقط ، والله تعالى أعلم ( قوله : لو واحد من الشريكين سكن إلخ ) قدمنا الكلام على هذه المسألة أول الباب قبيل شركة العقد ( قوله : بأجرة السكنى ) أي ولو معدا للاستغلال ; لأنه سكن بتأويل ملك فلا أجر عليه ، نعم لو كان وقفا أو مال يتيم يلزمه أجر شريكه على ما اختاره المتأخرون ، وهو المعتمد كما سيأتي في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى ( قوله : لكنه إلخ ) هذا في غير الوقف ; لأن الوقف لا تجري فيه القسمة ولا المهايأة كما يأتي ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية