الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( ولا يجوز أن يرتهن رهنا بدين لهما من الشركة على رجل ، إلا أن يكون هو الذي ولي المبايعة ، أو يأمر من وليه منهما ) اعتبارا للارتهان بالاستيفاء وليس له حق المطالبة بالاستيفاء لما وليه صاحبه إلا بإذنه ، فكذلك الارتهان ; وهذا لأن الاستيفاء من حقوق العقد ، فيكون إلى العاقد وكيلا كان أو مالكا . قال : ( ولا يجوز لأحدهما أن يرتهن رهنا بدين ولياه جميعا ) لأن فيما وجب بعقد صاحبه هو لا يملك الاستيفاء ، فلا يصح ارتهانه به . ولو جاز في نصيبه كان مشاعا ، والشيوع يمنع صحة الرهن . فإن فعل وهلك الرهن ، وقيمته مثل الدين ; ذهب نصف الدين وضمن نصف الرهن في ماله خاصة ; لأن الفاسد من الرهن معتبر بالجائز في حكم الضمان ، فكما أن المقبوض بحكم الرهن الجائز يكون مضمونا بقدر الدين ، فكذلك المقبوض بحكم الرهن الفاسد . ( وطعن ) عيسى رحمه الله في هذه المسألة وقال : الصحيح أن يذهب نصف الدين ولا يضمن شيئا آخر ; لأنه في نصيب صاحبه أجنبي ، وضمان الرهن ينبني على يد الاستيفاء . فإذا لم تثبت له يد الاستيفاء في نصيب صاحبه ; لا يثبت الضمان في ذلك النصف ، كمن ارتهن بدين لرجل على آخر أن يكون هو عدلا فيه ، إن أجازه صاحب الدين ضمنه ، وإن لم يجزه فلا شيء عليه ، فهلك الرهن في يده قبل أن يجيزه صاحب الدين ; لم يضمن القابض شيئا . وما ذكره في الكتاب أصح ; لأنه قبض الرهن هنا على جهة استيفاء الدين ، فلا يكون صاحبه راضيا بالتسليم إليه بدون هذه الجهة ، وفي مسألة العدل بشرط أنه لم يخبر صاحبه ; فلا شيء عليه ، وباعتبار هذا الشرط يتحقق رضا صاحب الرهن بقبضه لا على وجه الاستيفاء . فلهذا لا يضمن شيئا ثم يكون للآخر أن يطالب المديون بنصيبه من الدين ; لأنه لم يصر نصيبه من الدين مستوفى بهلاك الرهن .

التالي السابق


الخدمات العلمية