الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( ومما رزقناهم ينفقون ( 3 ) )

اختلف المفسرون في تأويل ذلك ، فقال بعضهم بما : -

285 - حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، " ومما رزقناهم ينفقون " ، قال : يؤتون الزكاة احتسابا بها .

286 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، " ومما رزقناهم ينفقون " ، قال : زكاة أموالهم .

287 - حدثني يحيى بن أبي طالب ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، " ومما رزقناهم ينفقون " ، قال : كانت النفقات قربات يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم ، حتى نزلت فرائض الصدقات : سبع آيات في سورة براءة ، مما يذكر فيهن الصدقات ، هن المثبتات الناسخات .

وقال بعضهم بما : -

288 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر ذكره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب [ ص: 244 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، " ومما رزقناهم ينفقون " : هي نفقة الرجل على أهله . وهذا قبل أن تنزل الزكاة .

وأولى التأويلات بالآية وأحقها بصفة القوم : أن يكونوا كانوا لجميع اللازم لهم في أموالهم ، مؤدين ، زكاة كان ذلك أو نفقة من لزمته نفقته ، من أهل وعيال وغيرهم ، ممن تجب عليهم نفقته بالقرابة والملك وغير ذلك . لأن الله جل ثناؤه عم وصفهم إذ وصفهم بالإنفاق مما رزقهم ، فمدحهم بذلك من صفتهم . فكان معلوما أنه إذ لم يخصص مدحهم ووصفهم بنوع من النفقات المحمود عليها صاحبها دون نوع بخبر ولا غيره - أنهم موصوفون بجميع معاني النفقات المحمود عليها صاحبها من طيب ما رزقهم ربهم من أموالهم وأملاكهم ، وذلك الحلال منه الذي لم يشبه حرام .

التالي السابق


الخدمات العلمية