الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : ما قول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان فلم يقضه حتى دخل عليه رمضان آخر ؟ فقال : يصوم هذا الرمضان الذي دخل فيه ، فإذا أفطر قضى ذلك الأول فأطعم مع هذا الذي يقضيه مدا لكل يوم ، إلا أن يكون كان مريضا حتى دخل عليه رمضان آخر فلا شيء عليه من الطعام ، وإن كان مسافرا حتى دخل عليه رمضان آخر فلا شيء عليه أيضا إلا قضاء رمضان الذي أفطره ; لأنه لم يفرط . قال : وإن صح من مرضه أياما قبل أن يدخل عليه رمضان المقبل ، فعليه أن يطعم عدد الأيام التي صح فيها إذا قضى الرمضان الذي أفطره ، وكذلك المسافر إن كان قدم من سفره فأقام أياما فلم يصم حتى دخل ، دخل عليه رمضان آخر فإن عليه أن يطعم عدد الأيام التي فرط فيها ، قلت : فمتى يطعم المساكين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إذا أخذ في رمضان الذي أفطره . في سفره أو في مرضه .

                                                                                                                                                                                      قلت : ففي أوله أو في آخره ؟ فقال : كل ذلك سواء .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن لم يطعم المساكين فيه حتى مضى قضاؤه ؟ فقال : يطعمهم ، وإن مضى قضاؤه لرمضان يطعم بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : [ ص: 286 ] ولا يسقط عنه الطعام إذا هو قضى رمضان فلم يطعم فيه ؟ فقال : لا يسقط عنه الطعام على كل حال .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال أشهب عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ، أنه كان يقول : من كان عليه صيام من رمضان ففرط فيه وهو قوي على الصيام حتى يدخل عليه رمضان آخر ، أطعم مكان كل يوم مدا من حنطة وكان عليه القضاء .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : بلغني عن سعيد بن جبير مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال أشهب عن ابن لهيعة ، أنه سأل عطاء بن أبي رباح عمن توانى في قضاء أيام من رمضان كانت عليه حتى أدركه رمضان آخر ؟ قال : يصوم الرمضان الآخر إذا فرغ من صيامه صيام الأول ، ثم أطعم لكل يوم مسكينا مدا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية