الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن لم يبق من الوقت ما يتمكن فيه من السير لأداء الحج لم يلزمه ; لأنه إذا ضاق الوقت لم يقدر على الحج فلم يلزمه فرضه )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال أصحابنا : إمكان السير بحيث يدرك الحج شرط لوجوبه ، فإذا وجد الزاد والراحلة وغيرهما من الشروط المعتبرة وتكاملت وبقي بعد تكاملها زمن يمكن فيه الحج وجب ، فإن أخره عن تلك السنة جاز ; لأنه على التراخي ، لكنه يستقر في ذمته فإن لم يبق بعد استكمال الشرائط زمن يمكن فيه الحج لم يجب عليه ولا يستقر عليه هكذا قاله الأصحاب ، قالوا : المراد أن يبقى زمن يمكن فيه الحج إذا سار السير المعهود ، فإذا احتاج إلى أن يقطع في كل يوم أو بعض الأيام أكثر من مرحلة لم يجب الحج . ولم يذكر الغزالي هذا الشرط ، وهو إمكان السير ، وأنكر عليه الرافعي ذلك وقال : هذا الإمكان شرطه الأئمة لوجوب الحج وأهمله الغزالي ، فأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح على الرافعي اعتراضه هذا على الغزالي ، وجعله إمكان السير ركنا لوجوب الحج ، وإنما هو شرط استقرار الحج ليجب قضاؤه من تركته لو مات قبل الحج ، وليس شرطا لأصل وجوب الحج ، بل متى وجدت الاستطاعة من مسلم مكلف حر لزمه الحج في الحال ، كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها ، ثم استقرارها في الذمة يتوقف على مضي زمن التمكن من فعلها ، هذا اعتراضه ، والصواب ما قاله الرافعي ، وقد نص عليه المصنف والأصحاب [ ص: 72 ] كما نقل ( وأما ) إنكار الشيخ ففاسد ; لأن الله - تعالى - قال : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } وهذا غير مستطيع ، فلا حج عليه وكيف يكون مستطيعا وهو عاجز حسا .

                                      ( وأما ) الصلاة فإنها تجب بأول الوقت ، لإمكان تتميمها والله أعلم ، هذا مذهبنا ، وحكى أصحابنا عن أحمد أن إمكان السير ، وأمن الطريق ليسا بشرط في وجوب الحج دليلنا أنه لا يكون مستطيعا بدونهما والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية