الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدة :

في جواز الأكل من مال من في ماله حرام أقوال :

أحدها : التحريم مطلقا . قطع به ولد الشيرازي في المنتخب . قبيل باب الصيد . قال الأزجي في نهايته : هذا قياس المذهب ، كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة . وهو ظاهر تعليل القاضي . وقدمه أبو الخطاب في الانتصار . قال ابن عقيل في فنونه في مسألة اشتباه الأواني وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يعجبني أن يأكل منه . وسأله المروزي عن الذي يعامل بالربا يأكل عنده ؟ قال : لا . قال في الرعاية الكبرى في آدابها ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة .

والقول الثاني : إن زاد الحرام على الثلث : حرم الأكل ، وإلا فلا . قدمه في الرعاية ; لأن الثلث ضابط في مواضع .

والقول الثالث : إن كان الحرام أكثر : حرم الأكل ، وإلا فلا . إقامة للأكثر مقام الكل . قطع به ابن الجوزي في المنهاج . نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد رحمه الله فيمن ورث مالا فيه حرام [ ص: 323 ] إن عرف شيئا بعينه : رده . وإن كان الغالب على ماله الفساد : تنزه عنه ، أو نحو هذا . ونقل حرب في الرجل يخلف مالا إن كان غالبه نهبا أو ربا ، ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه ، إلا أن يكون يسيرا لا يعرف . ونقل عنه أيضا : هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهما وينتفع ؟ . قال : إن كان غالبه الحرام فلا .

والقول الرابع : عدم التحريم مطلقا . قل الحرام أو كثر ، لكن يكره وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته . جزم به في المغني ، والشرح . وقاله ابن عقيل في فصوله ، وغيره . وقدمه الأزجي وغيره . قلت : وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة . وأطلقهن في الفروع ، في باب صدقة التطوع ، والآداب الكبرى ، والقواعد الأصولية . قال في الفروع : وينبني على هذا الخلاف : حكم معاملته ، وقبول صدقته وهبته ، وإجابة دعوته ، ونحو ذلك . وإن لم يعلم أن في المال حراما : فالأصل الإباحة ، ولا تحريم بالاحتمال . وإن كان تركه أولى للشك . وإن قوي سبب التحريم فظنه يتوجه فيه كآنية أهل الكتاب وطعامهم . انتهى .

قلت : الصواب الترك . وأن ذلك ينبني على ما إذا تعارض الأصل والظاهر . وله نظائر كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية