الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2226 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا سريج بن النعمان حدثنا حشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان قال حدثني سفينة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك ثم قال لي سفينة أمسك خلافة أبي بكر ثم قال وخلافة عمر وخلافة عثمان ثم قال لي أمسك خلافة علي قال فوجدناها ثلاثين سنة قال سعيد فقلت له إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم قال كذبوا بنو الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر وعلي قالا لم يعهد النبي صلى الله عليه وسلم في الخلافة شيئا وهذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان ولا نعرفه إلا من حديث سعيد بن جمهان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا سريج بن النعمان ) بمهملة وراء وجيم مصغرا ، ابن مروان الجوهري أبو الحسن البغدادي أصله من خراسان ثقة يهم قليلا من كبار العاشرة ( حدثنا حشرج بن نباتة ) بضم النون ثم الموحدة ثم المثناة ، الأشجعي ، أبو مكرم الواسطي أو الكوفي ، صدوق يهم من الثامنة ( عن سعيد بن جمهان ) بضم الجيم وإسكان الميم الأسلمي ، كنيته أبو حفص البصري صدوق له أفراد من الرابعة ( حدثني سفينة ) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن يقال كان اسمه مهران أو غير ذلك فلقب سفينة لكونه حمل شيئا كبيرا في السفر ، مشهور له أحاديث كذا في التقريب ، وقال في تهذيب التهذيب : قال حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكان إذا أعيا بعض القوم ألقى علي سيفه ألقى علي ترسه حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنت سفينة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ) وفي رواية أبي داود : خلافة النبوة ثلاثون سنة ، قال العلقمي قال شيخنا يعني الحافظ السيوطي : لم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن ، قال العلقمي : بل الثلاثون سنة هي مدة الخلفاء الأربعة كما حررته ، فمدة خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام ، ومدة عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ، ومدة عثمان إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وتسعة أيام ، ومدة خلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام ، هذا هو التحرير فلعلهم ألغوا الأيام وبعض الشهور ، وقال النووي في تهذيب الأسماء : مدة خلافة عمر عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين يوما ، وعثمان اثنتي عشرة سنة إلا ست [ ص: 396 ] ليال ، وعلي خمس سنين ، وقيل خمس سنين إلا أشهرا ، والحسن نحو سبعة أشهر ، انتهى كلام النووي ، والأمر في ذلك سهل ، هذا آخر كلام العلقمي ( ثم ملك بعد ذلك ) قال المناوي أي بعد انقضاء زمان خلافة النبوة يكون ملكا ; لأن اسم الخلافة إنما هو لمن صدق عليه هذا الاسم بعمله للسنة ، والمخالفون ملوك لا خلفاء وإنما تسموا بالخلفاء لخلفهم الماضي وأخرج البيهقي في المدخل عن سفينة أن أول الملوك معاوية رضي الله عنه ، والمراد بخلافة النبوة هي الخلافة الكاملة وهي منحصرة في الخمسة فلا يعارض الحديث : لا يزال هذا الدين قائما حتى يملك اثنا عشر خليفة لأن المراد به مطلق الخلافة والله أعلم ، انتهى كلامه محصلا .

                                                                                                          ( أمسك عليك خلافة أبي بكر ) أي اضبط الحساب عاقدا أصابعك ، وفي رواية أبي داود : أمسك عليك أبا بكر سنتين وعمر عشرا وعثمان اثني عشر وعليا كذا ، ولفظ أحمد في مسنده : قال سفينة أمسك خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين وخلافة عثمان رضي الله عنه اثني عشر سنة وخلافة علي رضي الله عنه ست سنين ( فقلت له ) أي لسفينة ( قال ) أي سفينة ( كذبوا بنو الزرقاء ) هو من باب أكلوني البراغيث والزرقاء امرأة من أمهات بني أمية قاله في فتح الودود ( بل هم ملوك من شر الملوك ) وفي رواية أبي داود : قلت لسفينة إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة ، قال : كذبت أستاه بني الزرقاء يعني بني مروان .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عمر وعلي قالا لم يعهد ) أي لم يوص ، أما حديث عمر فأخرجه الترمذي بعد هذا ، وأما حديث علي فأخرجه أحمد والبيهقي في دلائل النبوة بسند حسن عن عمرو بن سفيان قال : لما ظهر علي يوم الجمل قال : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر فأقام واستقام حتى مضى سبيله ، ثم إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه ، ثم إن أقواما طلبوا الدنيا فكانت أمور يقضي الله فيها ، وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه البيهقي في الدلائل عن أبي وائل قال : قيل لعلي ألا تستخلف علينا ؟ قال : ما استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستخلف ، ولكن إن يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم بعدي على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم .

                                                                                                          [ ص: 397 ] قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي ، قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية