الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. وإذا زوج الرجل ابنته وهي صغيرة ابن أخيه وهو صغير يتيم في حجره فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول : النكاح جائز وله الخيار إذا أدرك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول : لا يجوز ذلك عليه حتى يدرك ثم رجع أبو يوسف وقال إذا زوج الولي فلا خيار وهو مثل الأب ( قال الشافعي ) : رحمه الله ولا يجوز نكاح الصغار من الرجال ولا من النساء إلا أن يزوجهن الآباء والأجداد إذا لم يكن لهن آباء وإذا زوجهن أحد سواهم فالنكاح مفسوخ ولا يتوارثان فيه وإن كبرا فإن دخل عليها فأصابها فلها المهر ويفرق بينهما ولو طلقها قبل أن يفسخ النكاح لم يقع طلاقه ولا ظهاره ولا إيلاؤه لأنها لم تكن زوجة قط .

وإذا تزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول : هو جائز بلغنا ذلك عن عبد الله بن جعفر أنه فعل ذلك وبه يأخذ تزوج عبد الله بن جعفر امرأة علي رضي الله عنه وابنته جميعا ، وكان ابن أبي ليلى يقول : لا يجوز النكاح وقال : كل امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يحل لها نكاح صاحبتها فلا ينبغي للرجل أن يجمع بينهما ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى لا بأس أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها ( قال الشافعي ) : فإن قال قائل : لم زعمت أن الآباء يزوجون الصغار قيل { : زوج أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست أو سبع وبنى بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع } فالحالان اللذان كان فيهما النكاح والدخول كانا وعائشة صغيرة ممن لا أمر لها في نفسها وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة فإن قال قائل فإذا : أجزت هذا للآباء ولم تلتفت إلى القياس في أنه لا يجوز أن يعقد على حرة صغيرة نكاح ثم يكون لها الخيار لأن أصل النكاح لا يجوز أن يكون فيه خيار إلا في الإماء إذا تحولت حالهن والحرائر لا تحول حالهن ولا يجوز أن يعقد [ ص: 164 ] عليهن ما لهن منه بد ثم يلزمهن فكيف لم تجعل الأولياء قياسا على الآباء ؟ قيل : لافتراق الآباء والأولياء وأن الأب يملك من العقد على ولده ما لا يملكه منه غيره ألا ترى أنه يعقد على البكر بالغا ولا يرد عنها وإن كرهت ولا يكون ذلك للعم ولا للأخ ولا ولي غيره فإن قال قائل : فإنا لا نجيز للأب أن يعقد على البكر بالغا ونجعله فيها وفي الثيب مثل غيره من الأولياء قيل : فأنت تجعل قبضه لمهر البكر قبضا ولا تجعل ذلك لولي غيره إلا وصي بمال وتجعل عقده عليها صغيرة جائزا لا خيار لها فيه وتجعل لها الخيار إن عقد عليها ولي غيره ولو كان مثل سائر الأولياء ما كنت قد فرقت بينه وبين الأولياء وهذا مكتوب في كتاب النكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية