الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  987 73 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني حميد أنه سمع أنسا يقول: كانت الريح الشديدة إذا هبت عرف ذلك في وجه النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله قد ذكروا غير مرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عرف ذلك " ، أي هبوبها، أي أثره، يعني: تغير وجهه وظهر فيه علامة الخوف، والحاصل أنه أطلق السبب، وأراد المسبب، إذ الهبوب سبب الخوف من أن يكون عذابا سلطه الله على أمته، قيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن تصيبهم عقوبة ذنوب العامة كما أصاب الذين قالوا: هذا عارض ممطرنا وروى أبو يعلى بإسناد صحيح عن قتادة ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هاجت ريح شديدة قال: اللهم إني أسألك من خير ما أمرت به، وأعوذ بك من شر ما أمرت به ، وهذه زيادة على رواية حميد يجب قبولها لثقة رواتها، وفي الباب عن أبي هريرة ، وابن عباس ، وعائشة ، وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهم.

                                                                                                                                                                                  أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود في سننه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الريح من روح الله، قال سلمة : فروح الله عز وجل تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها، فلا تسبوها وسلوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها ، وأما حديث ابن عباس فرواه الطبراني ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه وجثى على ركبتيه، وقال: اللهم إني أسألك من خير هذه، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما أرسلت به، اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا، ولا تجعلها ريحا .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث عائشة فرواه مسلم أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به، قالت: فإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل، وأقبل، وأدبر، فإذا مطرت [ ص: 56 ] سري عنه فعرفت ذلك عائشة ، فسألته، فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فرواه، وأما حديث عثمان بن العاص فرواه الطبراني ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح الشمال قال: اللهم إني أعوذ بك من شر ما أرسلت به .

                                                                                                                                                                                  (ومن فوائد حديث الباب) الاستعداد بالمراقبة لله عز وجل، والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه، والله أعلم بحقيقة الحال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية