الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  988 74 - حدثنا مسلم، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله قد ذكروا غير مرة، ومسلم هو ابن إبراهيم ، والحكم، بفتحتين، هو ابن عتيبة .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه البخاري أيضا في بدء الخلق عن آدم ، وفي أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن محمد بن عرعرة ، وفي المغازي عن مسدد ، عن يحيى ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأبي موسى ، وبندار ، ثلاثتهم عن غندر ، وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن إبراهيم .

                                                                                                                                                                                  قوله: " نصرت بالصبا " ونصرته صلى الله عليه وسلم بالصبا كان يوم الخندق بعث الله الصبا ريحا باردة على المشركين في ليالي شاتية شديدة البرد، فأطفأت النيران وقطعت الأوتاد، والأطناب، وألقت المضارب، والأخبية، فانهزموا بغير قتال ليلا، قال الله تعالى: إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وأما عاد، فإنه ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام فتفرعت أولاده، فكانوا ثلاث عشرة قبيلة ينزلون الأحقاف ، وبلادها، وكانت ديارهم بالدهناء وعالج ، وبثرين ، ووبار إلى حضرموت ، وكانت أخصب البلاد، فلما سخط الله تعالى عليهم جعلها مفاوز، فأرسل الله عليهم الدبور، فأهلكتهم، وكانت عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي متتابعة ابتدأت غدوة الأربعاء، وسكنت في آخر الثامن واعتزل هود نبي الله عليه السلام، ومن معه من المؤمنين في حظيرة لا يصيبهم منها إلا ما يلين الجلود، وتلذ الأعين، وقال مجاهد : وكان قد آمن معه أربعة آلاف، فذلك [ ص: 57 ] قوله تعالى: ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه وكانت الريح تقلع الشجر، وتهدم البيوت، ومن لم يكن في بيته منهم أهلكته في البراري، والجبال، وكانت ترفع الظعينة بين السماء، والأرض حتى ترى كأنها جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم، وقال ابن عباس : دخلوا البيوت، وأغلقوا أبوابها فجاءت الريح، ففتحت الأبواب، وسفت عليهم الرمل فبقوا تحته سبع ليال وثمانية أيام، وكان يسمع أنينهم تحت الرمل، وماتوا ، وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: لم تجر الرياح قط بمكيال إلا في قصة عاد ، فإنها عصت على الخزان فغلبتهم، فلم يعلموا مقدار مكيالها، فذلك قوله تعالى: فأهلكوا بريح صرصر عاتية والصرصر ذات الصوت الشديد كأنهم أعجاز نخل خاوية منقعرا من أصله.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال : في هذا الحديث تفضيل المخلوقات بعضها على بعض وفيه إخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحديث بنعمة الله، والشكر له لا على الفخر، وفيه الإخبار عن الأمم الماضية، وإهلاكها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية