الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم إن الله تعالى لما أنزل الحجاب استثنى المحارم بقوله : ( لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن ) وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في الحجاب أوجب السؤال من وراء الحجاب على الرجال ، فلم لم يستثن الرجال عن الجناح ، ولم يقل لا جناح على آبائهن ؟ فنقول : قوله تعالى : ( فاسألوهن من وراء حجاب ) أمر بسدل الستر عليهن وذلك لا يكون إلا بكونهن مستورات محجوبات ، وكان الحجاب وجب عليهن ، ثم أمر الرجال بتركهن كذلك ، ونهوا عن هتك أستارهن ، فاستثنين عند الآباء والأبناء ، وفيه لطيفة : وهي أن عند الحجاب أمر الله الرجل بالسؤال من وراء حجاب ، ويفهم منه كون المرأة محجوبة عن الرجل بالطريق الأولى ، وعند الاستثناء قال تعالى : ( لا جناح عليهن ) عند رفع الحجاب عنهن ، فالرجال أولى بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قدم الآباء لأن اطلاعهم على بناتهن أكثر ، وكيف وهم قد رأوا جميع بدن البنات في حال صغرهن ، ثم الأبناء ثم الإخوة ، وذلك ظاهر . إنما الكلام في بني الإخوة حيث قدمهم الله تعالى على بني الأخوات ؛ لأن بني الأخوات آباؤهم ليسوا بمحارم إنما هم أزواج خالات أبنائهم ، وبني الإخوة آباؤهم محارم أيضا ، ففي بني الأخوات مفسدة ما ، وهي أن الابن ربما يحكي خالته عند أبيه وهو ليس بمحرم ولا كذلك بنو الإخوة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : لم يذكر الله من المحارم الأعمام والأخوال ، فلم يقل : ولا أعمامهن ولا أخوالهن ؛ لوجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن ذلك علم من بني الإخوة وبني الأخوات ؛ لأن من علم أن بني الأخ للعمات محارم ؛ علم أن بنات الأخ للأعمام محارم ، وكذلك الحال في أمر الخال .

                                                                                                                                                                                                                                            ثانيهما : أن الأعمام ربما يذكرون بنات الأخ عند أبنائهم وهم غير محارم ، وكذلك الحال في ابن الخال .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : ( ولا نسائهن ) مضافة إلى المؤمنات حتى لا يجوز التكشف للكافرات في وجه .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : ( ولا ما ملكت أيمانهن ) هذا بعد الكل ، فإن المفسدة في التكشف لهم ظاهرة ، ومن الأئمة من قال : المراد من كان دون البلوغ .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية