الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فمن ادعى النبوة ) أو صدق من ادعاها كفر ; لأنه مكذب لله تعالى في قوله : { ولكن رسول الله وخاتم النبيين } ولحديث { لا نبي بعدي } .

                                                                          وفي الخبر { لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا كلهم يزعم أنه رسول الله } ( أو أشرك ) أي كفر ( بالله تعالى ) كفر لقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } ( أو سبه ) أي الله تعالى ( أو ) سب ( رسولا له أو ملكا ) له كفر ; لأنه لا يسبه إلا وهو جاحد به ( أو جحد ربوبيته ) أي الله تعالى ( أو ) جحد ( وحدانيته أو ) جحد ( صفة ) ذاتية له تعالى كالعلم والحياة كفر ( أو ) جحد ( رسولا ) مجمعا عليه أو ثبت تواتر الآحاد كخالد بن سنان ( أو ) جحد ( كتابا أو ملكا له ) أي الله تعالى من الرسل أو الملائكة المجمع عليهم كفر ; لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك ولأنه جحد شيء من ذلك كجحد الكل ( أو ) جحد البعث أو ( وجوب عبادة من ) العبادات ( الخمس ) المشار إليها بحديث { بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا } ( ومنها ) أي : مثلها ( الطهارة ) فيكفر من جحد وجوبها وضوءا كانت أو غسلا أو تيمما ( أو ) جحد ( حكما ظاهرا ) بين المسلمين بخلاف فرض السدس لبنت الابن مع بنت الصلب ( مجمعا عليه [ ص: 395 ] إجماعا قطعيا ) لا سكوتيا لأن فيه شبهة ( ك ) جحد ( تحريم زنا أو ) جحد تحريم ( لحم خنزير أو ) جحد ( حل خبز ونحوه ) كلحم مذكاة بهيمة الأنعام والدجاج ( أو شك فيه ) أي في تحريم زنا ولحم خنزير أو في حل خبز ونحوه ( ومثله لا يجهله ) لكونه نشأ بين المسلمين ( أو ) كان ( يجهله ) مثله ( وعرف ) حكمه ( وأصر ) على الجحد أو الشك كفر ; لمعاندته للإسلام وامتناعه من قبول الأحكام غير قابل لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة وخرج بقوله إجماعا قطعيا أي : لا شبهة فيه نحو استحلال الخوارج دماء المسلمين وأموالهم فإن أكثر الفقهاء لا يكفرونهم لادعائهم أنهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك كما .

                                                                          قال عمران بن حطان يمدح ابن ملجم لقتله عليا رضي الله تعالى عنه

                                                                          يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا     إني لأذكره يوما فأحسبه
                                                                          أوفى البرية عند الله ميزانا

                                                                          . بخلاف من استحل ذلك بلا تأويل ( أو سجد لكوكب ) كشمس أو قمر ( أو ) سجد ل ( نحوه ) كصنم كفر لأنه أشرك به سبحانه وتعالى ( أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين ) كفر لقوله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } قال في المغني وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك ( أو امتهن القرآن ) كتاب الله جل ذكره ( أو ادعى اختلافه ) أو اختلاقه ( أو ) ادعى ( القدرة على مثله أو أسقط حرمته كفر ) ; لقوله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } وقوله : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله } الآية وقوله : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } وكذا من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو سخر بوعد الله ووعيده أو لم يكفر من دان بغير دين الإسلام كأهل الكتاب أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية