الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
409 الأصل

[ 268 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن ابن شهاب عن ابن السباق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع: " "يا معشر المسلمين، إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك". .

التالي السابق


الشرح

ابن السباق: اسمه عبيد أحد التابعين من أهل الحجاز.

سمع: زيد بن ثابت، وابن عباس، وجويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى عنه: الزهري، وأبو أمامة بن سهل.

والحديث على إرساله مودع في الموطأ، ورواه ابن ماجه في سننه عن عمار بن خالد الواسطي، عن علي بن غراب، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد بن السباق، عن ابن عباس موصولا، ويروى معناه عن مالك عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، وعن صالح بن كيسان عن سعيد كذلك، ومن وجه آخر عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 497 ]

وروي عن سعيد، عن أبيه، عن ابن وديعة، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى. وهذا رواه البخاري في الصحيح عن عبدان، عن ابن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري.

وفي الحديث تسمية الجمعة عيدا، ويقال: سمي العيد عيدا لعوده وتكرره لوقته، وقيل: لعوده بفرح المسلمين، وقيل: سمي به تفاؤلا ليعود ثانية، وهذه الوجوه حاصلة في الجمعة فلا بعد في تسميتها عيدا، وفيه الأمر بالاغتسال للجمعة والأحاديث فيه مشهورة: فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جاء منكم الجمعة فليغتسل.

واحتج البخاري بهذه اللفظة على من لا يشهد الجمعة من النساء والصبيان لا يغتسل، وهو ظاهر المذهب، وعن أبي سعيد الخدري أنه - صلى الله عليه وسلم - [قال] غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وحمل الواجب على الثابت المؤكد، والمحتلم على البالغ، وفيه الأمر بالاستياك، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وأبي سعيد أنه قال: من اغتسل يوم الجمعة، واستاك ولبس أحسن ثيابه، وتطيب بطيب إن وجده، ثم جاء ولم يتخط الناس فصلى ما شاء الله أن يصلي، [ ص: 498 ] وإذا خرج الإمام سكت؛ فذلك كفارة إلى الجمعة الأخرى.

وقوله: من كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه فيه إرشاد إلى التطيب، وقد يفهم من السياق أن الاستحباب في الغسل والاستياك آكد منه في التطيب، وفي الصحيح عن طاوس قال: قلت لابن عباس ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا يوم الجمعة وأصيبوا من الطيب؟

قال ابن عباس: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري.


ويستحب للنساء التنظيف كما للرجال، ويكره لهن التطيب.




الخدمات العلمية