الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          فإن كن نساء أي فإن كان الأولاد - وأنث الضمير باعتبار الخبر - وقيل : المولودات ، أو الوارثات نساء ليس معهن ذكر : فوق اثنتين أي زائدات على اثنتين مهما بلغ عددهن فلهن ثلثا ما ترك والدهن المتوفى ، أو والدتهن وإن كانت المولودة ، أو الوارثة امرأة واحدة ونصب " واحدة " هو قراءة الجمهور ، وقرأها نافع بالرفع على أن كان تامة ، أي فإن وجدت امرأة واحدة ليس معها أخ ولا أخت فلها النصف مما ترك ، والباقي لسائر الورثة ، يعرف حق كل منهم من محله .

                          هذا ما ذكره - تعالى - في إرث الأولاد وهم أقرب الطبقات إلى الميت ، وقد فصل فيه فروض الإناث منهم ، وهو أنهن إذا كن مع الذكور كان للذكر مثل حظ الأنثيين منهن ، فإذا كانا ذكرا ، وأنثى مثلا أخذ الذكر الثلثين ، والأنثى الثلث ، وإذا كانوا ذكرا ، وأنثيين أخذ الذكر النصف والأنثيان النصف الآخر لكل منهما نصفه ، وهو ربع التركة ، وعلى هذا القياس .

                          وإذا كن منفردات بالإرث كان الحكم فيهن ما ذكره ، وهو النصف للواحدة ، والثلثان للجمع ، وسكت عن الثنتين ، فاختلف فيهما ، فروي عن ابن عباس أن لهما النصف كالواحدة ، [ ص: 340 ] والجمهور على أن لهما الثلثين كالجمع ، وعليه العمل من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث جابر الذي تقدم ، واستدلوا له بوجوه أظهرها اثنان :

                          ( أحدهما ) : ما قاله أبو مسلم من أنه يستفاد من قوله - تعالى - : للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك أن الذكر مع الأنثى الواحدة يرث الثلثين فيكون الثلثان هما حظ الأنثيين ، فهو يرى أن حكمها مأخوذ من منطوق الآية ، ويدل له عطف حكم الجمع منهن وما يتلوه من حكم الواحدة بالفاء .

                          ( وثانيهما ) : القياس على الأخوات ; فإنه ذكر حكمهن في آخر السورة ، ومنه قوله : فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك [ 4 : 176 ] ، وأقول : يمكن أن يؤخذ ذلك من مجموع الكلام على إرث البنات هنا والأخوات في آخر السورة بطريق آخر ، فقد ترك هناك حكم الجمع من الأخوات كما ترك هنا حكم الاثنتين من البنات ، فيؤخذ من كل من الآيتين حكم المتروك من الأخرى فهو من قبيل الاحتباك . وسنعيد بيانه في حجب الإخوة للأم .

                          ولست أرضى قول من قال : إن كلمة فوق زائدة ، ولا قول من قال : إن المعنى اثنتين ففوق .

                          وقد علم من هذا التفصيل في الإناث أن البنات لا يستغرق فرضهن التركة ، وفهم منه أن الولد الذكر إذا انفرد يأخذ التركة كلها ، وإذا كان معه أخ له فأكثر كانت التركة بينهما ، أو بينهم بالمساواة . ثم انتقل من حكم الأولاد إلى حكم الوالدين ، وهم في المرتبة الثانية من مستحقي الأقربين الذين يتصلون بالميت بغير واسطة فقال :

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية