الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن قال : إن أعطيتيني ثوبا هرويا ، فأنت طالق . فأعطته مرويا : لم تطلق ) بلا نزاع . قوله ( وإن خالعته على مروي ) بأن قالت " اخلعني على هذا الثوب المروي " فبان هرويا : فله الخيار بين رده وإمساكه . هذا أحد الوجهين . جزم به في الوجيز ، والرعاية الكبرى . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . وعند أبي الخطاب : ليس له غيره ، إن وقع الخلع [ منجزا ] على عينه . اختاره في الهداية . وهو المذهب . [ بناء على أنه ] قدمه في المحرر ، والنظم ، والفروع . [ وهذا ] يقتضي حكاية وجهين في كل من الكتب الثلاثة في الخلع المنجز على عوض معين إذا بانت الصفة المعينة مخالفة ، وأن المقدم منهما في ذلك فيها : أنه ليس له غيره ، وأن المؤخر منها فيها : أنه يخير في ذلك بين رده وإمساكه ، وليس فيها ولا في بعضها حكايتهما في ذلك . [ ص: 409 ]

بل في المحرر ، والنظم في باب الصداق : أنه إذا ظهر فيه على عيب ، أو نقص صفة شرطت فيه : أنه يخير بين الأرش يعني : مع الإمساك أو الرد وأخذ القيمة كاملة . ثم حكوا رواية أخرى بأنه لا أرش مع إمساكه . ولم يحكيا غيره في الباب المذكور . ثم ذكرا في باب الخلع مسألة الصداق المعلق على عوض معين . وقدما أنه لا شيء له غيره إن بان بخلاف الصفة المعينة . ثم حكيا قولا بأن له رده ، وأخذ قيمته بالصفة ، سليما كما لو نجز الخلع عليه ومقتضى هذا : أنه لا خلاف عندهما في الخلع المنجز ، وأنه يخير بين ما ذكر ، سواء كان بلفظ " الخلع " أو " الطلاق " . وفي الفروع في باب الصداق أنه إن بان عوض الخلع المنجز معيبا ، أو ناقصا صفة شرطت فيه : أن حكمه حكم المبيع ، واقتصر على ذلك . ومقتضاه : أنه يخير إذا وجده معيبا أو ناقصا كما ذكر بين إمساكه ورده ولم يتعرض للمسألة في باب الخلع ، اكتفاء بما ذكره في باب الصداق . فهذا هو المجزوم به فيها في الكتب الثلاثة ، مع الجزم به أيضا في الوجيز ، والرعاية الكبرى . والمقدم من الوجهين المذكورين في الهداية ، والمستوعب ، والمغني ، والشرح ، والرعاية الصغرى وغيرها . والوجه الآخر : إنما هو اختيار لأبي الخطاب في الهداية . كما حكاه عنه فيها جماعة من الأصحاب . فتبين بذلك : أن المذهب منهما فيها حينئذ هو الوجه الأول ، الذي جزم به بعض الأصحاب . وقدمه بعضهم أيضا ، منهم المؤلف . لا أنه هو الوجه الثاني منهما عنده . وجزم به في بعض كتبه ، تبعا لغيره . [ والله أعلم ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية