الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2182 - وعن علي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب هذه السورة سبح اسم ربك الأعلى . رواه أحمد .

التالي السابق


2182 - ( وعن علي قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب هذه السورة سبح اسم ربك الأعلى ) ، أي محبة زائدة وهي نظير ما ورد في سورة الفتح : هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، رواه البخاري والنسائي والترمذي عن عمر مرفوعا ، قال العارف الجامع في شمس الوجود : وإلا فمعمورة الدنيا جميعها أحقر من أن يجيئ في نظر الحبيب فضلا أن يكون محبوبا ، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة لما سقى كافرا منها شربة ماء ) فزيادة المحبة في الفتح لما فيها من البشارة بالفتح ، والإشارة بالمغفرة ، وفي هذه السورة لاشتمالها على تيسير الأمور في كل معسور ، بقوله " ونيسرك لليسرى " وكان - صلى الله عليه وسلم - يواظب على قراءتها في أول ركعات الوتر وقراءة الإخلاصين في الركعتين الأخريين ، ويمكن أن يكون محبته - صلى الله عليه وسلم - لها لما فيها من صحف إبراهيم وموسى ، فقد روى ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : " كانت أمثالا كلها ، أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عن دعوة المظلوم ، فإني لا أردها ولو كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات يناجي فيها ربه ، ساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر فيها في صنع الله - تعالى ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث : تزود لمعاد ، أو لمرمة المعاش ، أو لذة في غير محرم ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " ، قلت : يا رسول الله فما كان في صحف موسى ؟ قال : " كانت عبرا كلها ، عحبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ، عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك ، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب ، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها ، عجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل " ، قلت : يا رسول الله أوصني ، قال : " أوصيك بتقوى الله فإنها رأس الأمر كله " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " عليك بتلاوة القرآن وذكر الله - تعالى - فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " أحب المساكين وجالسهم " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك " ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : " ليردك عن الناس ما تعلمه من نفسك ، ولا تجد عليهم فيما تأتي ، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهله من نفسك ، وتجد عليهم فيما تأتي " ، ثم ضرب بيده على صدري فقال : " يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق " ( رواه أحمد ) .

[ ص: 1493 ]



الخدمات العلمية