الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أقام أحدهم ) أي أحد الشركاء في بيت فيه رحا معدة للكراء خربت ( رحا ) أي عمرها أحدهم [ ص: 367 ] قبل القضاء بالعمارة أو البيع لمن يعمره ( إذ أبيا ) أي شريكاه من إقامتها معه ومن إذنهما له في العمارة ( فالغلة لهم ) جميعا بالسوية ( ويستوفي ) أي بعد أن يستوفي المقيم ( منها ) أي من الغلة ( ما أنفق ) على إقامتها ورجع في الغلة ; لأنها حصلت بسببه ولم يرجع في الذمة ; لأنه لم يؤذن له في العمارة ومفهوم أبيا أنهما إن أذناه في العمارة أو سكتا حين العمارة عالمين بها فيرجع في ذمتهما

التالي السابق


( قوله وإن أقام أحدهم رحا إلخ ) أي أو أقام حماما تهدم أو أقام دارا تهدمت فالحكم واحد وحينئذ فلا مفهوم لرحا وصورته ثلاثة مشتركون في بيت فيه رحا معدة للكراء ثم إنها خربت أو انهدم البيت واحتاجت للإصلاح فأقامها [ ص: 367 ] أحدهم بعد أن أبيا من الإصلاح ومن إذنهما له فيه وقبل القضاء بالعمارة أو البيع فالمشهور أن الغلة الحاصلة لهم بالسوية بعد أن يستوفى منها ما أنفقه عليها في عمارتها إلا أن يعطوه نفقة فلا غلة له ومقابل المشهور ما روي عن ابن القاسم أن الغلة كلها لمن عمر وعليه لمن شاركه حصته من كرائها خرابا على تقدير أن لو أكريت لمن يعمرها واستشكال الأول بأن استيفاءه ما أنفقه من الغلة فيه ضرر عليه ; لأنه دفع جملة وأخذ مفرقا وأجيب بأنه هو الذي أدخل نفسه في ذلك إذ لو شاء لرفعهما للحاكم فيجبرها على الإصلاح أو البيع ممن يصلح ( قوله قبل القضاء بالعمارة ) أشار بهذا إلى أن هذه المسألة من أفراد وقضى على شريك إلخ لكن ما مر بيان للحكم ابتداء وما هنا في عمارته إذ أبيا قبل رفعهما للقاضي فلا منافاة لاختلاف الجهة .

( قوله ومن إذنهما له في العمارة ) أي سواء كانت إبايتهم من الإذن له من حين طلبت منهما العمارة إلى آخرها أو سكتا حين الاستئذان ثم أبيا حال العمارة أو عكسه بأن أبيا حين الاستئذان وسكتا حين العمارة ( قوله أو سكتا حين العمارة عالمين بها ) أي سواء كان استأذنهما أم لا .

واعلم أن فروع هذه المسألة سبعة الأول ما إذا استأذنهما في العمارة وأبيا واستمرا على المنع إلى تمام العمارة والحكم أنه يرجع بما عمر في الغلة ، والثاني أن يستأذنهما فيسكتا ثم يأبيا حال العمارة ، والثالث عكسه وهو أن يستأذنهما فيأبيا ويسكتا عند رؤيتهما للعمارة والحكم في هذين أنه يرجع بما عمر به في الغلة كالأول ، والرابع أن يعمر قبل علم أصحابه ولم يطلعوا على العمارة إلا بعد تمامها سواء رضوا بما فعل أو لا والحكم في هذه أنه يرجع بما أنفقه في ذمتهم لقيامه عنهما بما لا بد لهما منه ، والخامس أن يعمر بإذنهم ولم يحصل منهم ما ينافي الإذن لانقضاء العمارة وحكمها كالتي قبلها ، والسادس أن يسكتوا حين العمارة عالمين بها سواء استأذنهم أم لا وحكمها كالتي قبلها ، والسابع أن يأذنوا له في العمارة ثم يمنعاه بعد ذلك ، فإن كان المنع قبل شراء المؤن التي يعمر بها ثم عمر فإنه يرجع في الغلة ، وإن كان المنع بعد شراء المؤن رجع عليهم في ذمتهم ولا عبرة بمنعهما له




الخدمات العلمية