الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5004 سورة الأنفال : «باب في قوله تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (باب صفة القيامة ، والجنة والنار ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 139 ج 17 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عبد الحميد الزيادي ؛ أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال أبو جهل : اللهم ! إن كان هذا هو الحق من عندك : فأمطر علينا حجارة [ ص: 694 ] من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم ؛ فنزلت : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام إلى آخر الآية ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه ؛ (قال : قال أبو جهل : اللهم ! إن كان هذا ) أي القرآن ، الذي جاء به محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم (هو الحق من عندك : فأمطر علينا حجارة من السماء ) المراد بالحجارة : السجيل . وهو حجارة مسومة ، أي : معلمة معدة ، لتعذيب قوم من العصاة . (أو ائتنا بعذاب أليم ) .

                                                                                                                              قالوا : «هذه المقالة » مبالغة في الجحود والإنكار . وسألوا أن يعذبوا بالرجم بالحجارة من السماء ، أو بغيرها من أنواع العذاب الشديد : (فنزلت : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) يا محمد ! موجود . فإنك ما دمت فيهم بأرض مكة ، فهم في مهلة من العذاب ، الذي هو الاستيصال .

                                                                                                                              قال السيوطي : لأن العذاب ، إذا نزل : عم . ولم تعذب أمة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون . وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام . . إلى آخر الآية ) [ ص: 695 ] وهي : « وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون .

                                                                                                                              وعن أبي سعيد : أنها نزلت في « النضر بن الحارث » . وعن مجاهد وعطاء : نحوه .

                                                                                                                              قال عطاء : لقد نزل فيه بضع عشرة آية ، فحاق به ما سأل من العذاب (يوم بدر ) .

                                                                                                                              وفيه نزل : سأل سائل بعذاب واقع .

                                                                                                                              قال ابن عباس : كان فيهم أمانان : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والاستغفار . فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبقي الاستغفار .

                                                                                                                              روي أنهم كانوا يقولون - في الطواف - : «غفرانك » ، فنزلت . أي وما كان الله معذبهم في حال كونهم مستغفرين .

                                                                                                                              وقيل : معناه : وفيهم من يستغفر من المسلمين . فلما خرجوا من بين أظهرهم : عذبهم بيوم بدر ، وما بعده .

                                                                                                                              وقيل : المعنى : وفي أصلابهم من يستغفر الله .

                                                                                                                              وقيل : هذا دعاء لهم إلى الإسلام والاستغفار : بهذه الكلمة .

                                                                                                                              [ ص: 696 ] وقال مجاهد ، وعكرمة : «يستغفرون » أي يسلمون . يعني لو أسلموا لما عذبوا .

                                                                                                                              قال أهل المعاني : دلت هذه الآية ، على أن الاستغفار : أمان وسلامة من العذاب .

                                                                                                                              والأحاديث عن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - في مطلق الاستغفار - كثيرة جدا ، معروفة في كتب الأحاديث . وتمام تفسير هذه الآيات في (فتح البيان ، في مقاصد القرآن ) فراجعه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية