الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنع ذمي ) أي توكيله عن مسلم ( في بيع أو شراء ) [ ص: 387 ] ( أو تقاض ) للدين ; لأنه لا يتحرى في ذلك ولا يعرف شرط المعقود عليه من ثمن ومثمن ، وكلام المصنف شامل لما إذا كان الذمي عبد المسلم ولو رضي من يتقاضى منه لحق الله ولأنه ربما أغلظ على المسلم وشق عليه بالحث في الطلب { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } ومن ذلك جعله مباشرا وكاتبا للأمراء ونحوهم فإنه من الضلال المبين ( وعدو على عدوه ) مسلما أو كافرا إلا أن يرضى به الموكل عليه ولو عداوة دينية كيهودي على نصراني وعكسه وجاز توكيل مسلم على واحد منهما إذا لم تكن بينهما عداوة دنيوية ( و ) منع على الموكل الرضا ( بمخالفته ) أي بمخالفة الوكيل له ( في سلم ) سماه له فأعرض عنه لغيره ( إن دفع ) له ( الثمن ) وقال له أسلمه في كذا فخالف وأسلمه في غيره ; لأنه لما تعدى ضمن الثمن في ذمته فصار دينا ثم فسخه فيما لا يتعجله وهو دين بدين ويزاد في الطعام بيعه قبل قبضه ; لأنه بتعديه وجب له وصار الثمن دينا في ذمته لموكله وبرضا الموكل به قد باعه الوكيل له قبل قبضه

التالي السابق


( قوله أي توكيله ) أشار إلى أن في الكلام حذف مضاف ; لأن المنع حكم شرعي لا يتعلق بالذوات وإنما يتعلق بالأفعال والمراد بالذمي مطلق الكافر فهو من عموم المجاز ( قوله عن مسلم ) أي ، وأما توكيل الذمي لذمي ، فإن كان على استخلاص دين له على مسلم منع ; لأنه ربما أغلظ وشق عليه بالحث في الطلب ، وإن كان على غير ذلك [ ص: 387 ] فلا منع ( قوله أو تقاض للدين ) ظاهره كالمدونة تقاضاه من مسلم أو ذمي ولكن الحق جواز توكيله على تقاضي الدين من ذمي كما هو مفاد بهرام في كبيره وشامله وظاهر المصنف أنه إنما يمنع توكيل الذمي للمسلم في الأمور الثلاثة التي ذكرها ولا يمنع توكيله له في غيرها كقبول نكاح ودفع هبة وإبراء ووقف وهو كذلك وينبغي كما قال ولد عبق أنه إذا وقع البيع أو الشراء أوالتقاضي الممنوع على وجه الصحة أن يكون ماضيا ( قوله ولو رضي من يتقاضى منه ) هذه المبالغة مرتبطة بكلام المصنف .

( قوله ربما أغلظ على المسلم ) أي الذي عليه الدين ( قوله ومن ذلك ) أي ومن قبيل ذلك أي توكيل الذمي في التقاضي ( قوله وعدو على عدوه ) أي ومنع توكيل عدو على مخاصمة عدوه المسلم أو الكافر ( قوله ولو عداوة دينية ) أي ولو كانت العداوة التي بينهما دينية أي سببها اختلاف الدين قال بن الحق تقييد العداوة هنا بالدنيوية وأما منه توكيل المسلم لليهودي على مخاصمة النصراني وعكسه فلعدم تحفظ كل منهما لا للعداوة ( قوله على واحد ) أي على مخاصمة واحد منهما سواء كان الموكل لذلك المسلم مسلما أو كافرا إذا لم يتوصل الكافر لخلاص حقه إلا بذلك وإلا كره توكيله لذلك ; لأن فيه نوع إذلال ، فإن تحقق حرم .

واعلم أن مثل توكيل العدو توكيل من عنده لدد ويستنيبه الناس في الخصومات فلا يجوز للقاضي قبول وكالته على أحد كما قال ابن لبابة وابن سهل وللرجل أن يخاصم عن نفسه عدوه إلا أن يبادر لأذاه فيمتنع من ذلك ويقال له وكل غيرك انظر ج ( قوله والرضا بمخالفته إلخ ) حاصله أنه إذا أمر وكيله أن يسلم له في كذا فخالف وأسلم له في غيره فلا يجوز للموكل الرضا بما خالف إليه الوكيل إن كان الموكل قد دفع الثمن للوكيل وكان مما لا يعرف بعينه وكان اطلاع الموكل على المخالفة والرضا بها قبل قبض الوكيل ما خالف إليه ، فإن لم يدفع له الثمن جاز الرضا بمخالفته كان المسلم فيه طعاما أو غيره بشرط أن يعجل له رأس المال الآن وإلا منع ولو تأخر يسيرا ; لأنه بيع دين بدين وكذا يجوز الرضا بما خالف إليه إذا كان قد دفع إليه الثمن وكان مما يعرف بعينه ولم يفت ، وكذا لو اطلع على المخالفة بعد قبض الوكيل نكلا فيه ولو قبل طول أجله فيجوز للموكل الرضا به طعاما كان أو غيره كان الثمن المدفوع مما يعرف بعينه أم لا ( قوله قبل قبضه ) أي من المسلم إليه ( قوله وجب له ) أي وجب ذلك الطعام نكلا فيه للوكيل




الخدمات العلمية