الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فإن عدم بكل حال : صلى جالسا ، يومئ إيماء . فإن صلى قائما جاز ) صرح بأن له الصلاة جالسا وقائما ، وهو المذهب . وإذا صلى قائما فإنه يركع ويسجد ، وهو المذهب . وقوة كلامه : أن الصلاة جالسا أولى ، وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال الزركشي : عليه عامة الأصحاب ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية الأثرم . وقدمه في الفروع ، والمحرر ، وابن تميم ، وغيرهم ، وجزم به في التلخيص وغيره . وقيل : تجب الصلاة جالسا والحالة هذه ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب . فإنه قال : لا يصلون قياما .

إذا ركعوا وسجدوا بدت عوراتهم ، وهو ظاهر كلام الخرقي . وعنه أنه يصلي قائما ويسجد بالأرض . يعني يلزمه ذلك ، اختارها الآجري ، وصاحب الحاوي الكبير وغيرهما . وقدمه ابن الجوزي . قاله في الفروع . [ ص: 465 ] وقول الزركشي : وأما ما حكاه أبو محمد في المقنع من وجوب القيام على رواية فمنكر لا نعرفه لا عبرة به ، ولا التفات إليه . وهذا أعجب منه . فإن هذه الرواية مشهورة منقولة في الكتب المطولة والمختصرة . وذكرها ابن حمدان في رعايته ، وابن تميم ، وصاحب الفروع ، والحاويين ، والنظم ، وغيرهم ، واختاره الآجري ، وصاحب الحاوي ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، بل قوله منكر لا يعرف له موافق على ذلك . غايته أن بعضهم لم يذكرها ، ولا يلزم من عدم ذكرها عدم إثباتها . وإنما نفاها ابن عقيل على ما يأتي من كلامه في المصلي جماعة . ومن أثبت مقدم على من نفى . وقيل : يصلي قائما ويومئ .

وحكى الشيرازي ومن تابعه وجها في المنفرد : أنه يصلي قائما بخلاف من يصلي جماعة . قال : بناء على أن الستر كان لمعنى في غير العورة ، وهو عن أعين الناس . ونقل الأثرم : إن توارى بعض العراة عن بعض ، فصلوا قياما ، فلا بأس . قال القاضي : ظاهره : لا يلزم القيام خلوة . ونقل بكر بن محمد : أحب إلي أن يصلوا جلوسا . وظاهره : لا فرق بين الخلوة وغيرها . وقال : وهو المذهب ، قال ابن عقيل في روايتيه : لا تختلف الرواية : أن العراة إذا صلوا جماعة يصلون جلوسا . ولا يجوز قياما . واختلف في المنفرد ، والصحيح أنه كالجماعة . انتهى .

قوله ( فإن عدم بكل حال صلى جالسا ، يومئ إيماء ) الصحيح من المذهب : أنه إذا صلى جالسا ، أومأ بالركوع والسجود . وعليه الجمهور . وقطع به كثير منهم . وعنه أنه يسجد بالأرض ، اختاره ابن عقيل . وصاحب الحاوي . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والتلخيص والبلغة .

فائدتان

إحداهما : حيث قلنا " يصلي جالسا " فإنه لا يتربع ، بل ينضم ، بأن يضم إحدى فخذيه على الأخرى . وهذا الصحيح من المذهب . ونقله الأثرم والميموني . [ ص: 466 ] وعليه الجمهور . وعنه يتربع ، جزم به في الإفادات ، والرعاية الصغرى . والحاويين . وقدمه في الرعاية الكبرى . وقال : نص عليه . قلت : وهو بعيد . وأطلقهما ابن تميم .

الثانية : حيث صلى عريانا ، فإنه لا يعيد إذا قدر على السترة ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وألحقه الدينوري بعادم الماء والتراب على ما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية