الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) جاز ( لأحد الوكيلين ) على مال ونحوه إذا وكلا على التعاقب علم أحدهما بالآخر أم لا ( الاستبداد ) أي الاستقلال بما يفعله دون الآخر ( إلا لشرط ) من الموكل أن لا يستبد فليس له استقلال كما إذا وكلا معا في آن واحد وكالوصيين مطلقا ، فإن تنازعا في الترتب فالقول للموكل ( وإن بعت ) أيها الموكل السلعة ( وباع ) الوكيل لها ( فالأول ) منهما هو الذي ينفذ بيعه لصحة تصرفه ( إلا بقبض ) للمبيع من الثاني إذا لم يعلم هو ولا المشتري منه ببيع الأول وإلا فالأول [ ص: 393 ] كذات الوليين ، فإن باعا معا في زمن واحد فالمبيع بينهما لقبوله الشركة بخلاف النكاح ، وإن جهل الزمن فلمن قبض وإلا فبينهما ( ولك ) يا موكل ( قبض سلمه ) أي ما أسلم فيه الوكيل ( لك ) بغير حضوره جبرا على المسلم إليه فيبرأ بالدفع لك ( إن ثبت ببينة ) أن السلم لك ولو بشاهد ويمين ، فإن لم يثبت بالبينة لم يلزمه الدفع ولو أقر المسلم إليه أن الوكيل اعترف بأن السلم للموكل ( والقول لك ) يا موكل بلا يمين ( إن ادعى ) من تصرف في مالك ببيع ونحو ( الإذن ) أي التوكيل وكذبته ; لأن الأصل عدم الإذن له فالقول لك بيمين إن ادعى ( صفة له ) وخالفته كأن قال أذن لي في بيعه وقلت بل في رهنه أو تصادقا على البيع واختلفا في جنس الثمن أو في حلوله وتأجيله .

واستثنى من ذلك مسألتين القول فيهما للوكيل أو لهما قوله ( إلا أن يشتري ) الوكيل شيئا ( بالثمن ) المدفوع له ( فزعمت أنك أمرته بغيره ) أي باشتراء شيء غيره ( وحلف ) أي القول للوكيل بيمين ، فإن نكل حلفت وغرم لك الثمن الذي تعدى عليه ، فإن نكلت أيضا لزمتك السلعة وثانيهما قوله ( كقوله ) أي الوكيل للموكل ( أمرت ببيعه بعشرة ) مثلا وقد بعتها بها ( وأشبهت ) العشرة أن تكون ثمنا وإسناد الشبه لضمير العشرة [ ص: 394 ] مجاز والمراد أشبه الوكيل سواء أشبه الموكل أم لا ( وقلت ) يا موكل ( بأكثر وفات المبيع ) بيد المشتري من الوكيل ( بزوال عينه ) بموت ونحوه ( أو لم يفت ولم تحلف ) يا موكل أنك أمرته بأكثر فالقول للوكيل في الصورتين ، فإن حلفت فالقول لك ولو لم تشبه إذ لا يراعى في بقاء السلعة شبه ولا عدمه وهذا عند فقد البينة وإلا عمل بها ولزم الوكيل الغرم ومفهوم بزوال عينه أنه لا يفوت بعتق ولا هبة ولا صدقة وهو كذلك ( وإن وكلته على أخذ ) أي شراء ( جارية ) أي أمة من بلد كذا ( فبعث بها ) أي بجارية لك ( فوطئت ) منك أو من غيرك بسببك ( ثم قدم ) الوكيل ( بأخرى وقال هذه لك والأولى وديعة ، فإن لم يبين ) لك حين بعث الأولى مع الرسول أو غيره أنها وديعة وكذا إذا لم يعلمك الرسول ( وحلف ) على طبق دعواه ( أخذها ) وأعطاك الثانية ، فإن بين أخذها بلا يمين وطئت أم لا كأن لم يبين ولم توطأ ( إلا أن تفوت ) عند البيان وعدمه فالاستثناء منقطع ( بكولد أو تدبير ) أو عتق أو كتابة فليس له أخذها وتكون للموكل وأولى فواتها [ ص: 395 ] بذهاب عينها إلا ببيع وصدقة ( إلا لبينة ) أشهدها الوكيل عند الشراء أو الإرسال أنها له ولو لم يبين الرسول لك ذلك فيأخذها الوكيل ولو أعتقها الموكل أو استولدها لكن إن بين له الرسول أخذها وولدها ; لأن الموكل متعد حينئذ ، وإن لم يبين أخذها وقيمة الولد وتعتبر القيمة يوم الحكم ( ولزمتك ) يا موكل ( الأخرى ) في مسألتين وهما إذا لم يبين وحلف وأخذها وما إذا قامت بينة وأخذها ( وإن أمرته ) أن يشتريها لك ( بمائة ) وبعث بها ووطئت ثم قدم ( فقال أخذتها ) لك ( بمائة وخمسين . فإن لم تفت خيرت في أخذها بما قال ) الوكيل بمائة وخمسين إن حلف وردها ولا شيء عليك في وطئها ، فإن لم يحلف أنه اشتراها بمائة وخمسين فليس له إلا المائة ( وإلا ) بأن فاتت بما تقدم في التي قبلها ( لم يلزمك إلا المائة ) التي أمرته بها ولو أقام بينة على ما قال لتفريطه بعدم إعلامه به حتى فاتت ( وإن ردت دراهمك ) التي دفعتها له ليسلمها لك في شيء ( لزيف ) فيها كلها أو بعضها ( فإن عرفها مأمورك لزمتك ) أي لزمك بدلها ، فإن اتهمت الوكيل أنه أبدلها فلك تحليفه ( وهل ) اللزوم ( وإن قبضت ) يا آمر ما وقعت فيه الوكالة أو اللزوم إن لم تقبضه ، فإن قبضته لم يلزمك بدلها ولا يقبل قول الوكيل أنها دراهم موكله ( تأويلان ) في غير المفوض ، وأما هو فيلزم مطلقا ( وإلا ) يعرفها ( فإن قبلها ) الوكيل حين ردت إليه ( حلفت ) أيها الآمر ( وهل ) تحلف ( مطلقا ) أعدم المأمور أو أيسر ( أو ) إنما تحلف ( لعدم المأمور ) أي عند عسره لا عند يسره [ ص: 396 ] وذكر مفعول حلف وفيه صفة يمينه بالمعنى بقوله ( ما دفعت إلا جيادا في علمك ) ولا تعلمها من دراهمك ; لأنه إنما يقول في علمي ودراهمي بياء المتكلم وبضم التاء للمتكلم ، وأما المصنف فبفتحها بتاء الخطاب ( و ) إذا حلف أيها الآمر ( لزمته ) أي المأمور ( تأويلان وإلا ) بأن لم يقبل الدراهم ولم يعرفها ( حلف ) الوكيل ( كذلك ) أي ما دفع إلا جيادا في علمه ولم يعرفها من دراهم موكله ( وحلف ) بتشديد اللام فاعله ( البائع ) والمفعول محذوف أي الآمر فكل من الآمر والوكيل يحلف ( وفي المبدأ ) منهما هل الآمر أو الوكيل ( تأويلان ) وعلى الأول ، فإن نكل الآمر حلف البائع وأغرمه وللآمر تحليف الوكيل إن اتهمه بإبدالها ، فإن نكل البائع سقط حقه وليس له تحليف الوكيل ; لأن نكول موكله نكول عن يمين المأمور وعلى تبدئة المأمور بالحلف ، فإن نكل حلف البائع وأغرمه ثم هل له تحليف الآمر قولان ذكره الرجراجي وأبو الحسن كذا في الحطاب

التالي السابق


( قوله على مال ) أي بأن يكون وكلهما على بيع أو شراء أو اقتضاه دين وقوله ونحوه أي غير خصام كطلاق وعتق وإبراء وهبة ووقف ، وأما على الخصام فقد تقدم أنه لا يجوز تعدد الوكيل فلا يوكل اثنين على خصام واحد إلا برضاه ، فإن رضي فكذلك لأحدهما الاستبداد إن ترتبا ( قوله أن لا يستبد ) أي واحد منهما أو أن لا يستبد فلان ( قوله كما إذا وكلا معا في آن واحد ) أي فليس لأحدهما الاستبداد إلا بشرط أن كل واحد يستبد .

والحاصل أنهما إن وكلا مترتبين فلأحدهما الاستبداد إلا إذا شرط الموكل عدم الاستبداد ، وإن وكلا معا فليس لأحدهما الاستبداد إلا إذا شرط الموكل لهما الاستبداد هذا هو المعتمد في المسألة ( قوله وكالوصيين مطلقا ) أي فلا يستقل أحدهما بالتصرف سواء أوصاهما معا أو مترتبين وذلك ; لأن الإيصاء إنما يكون تحتمه ولزومه في لحظة الموت إذ له الرجوع قبل ذلك وحينئذ فلا أثر للترتب الواقع قبله وحينئذ فلم يلزما إلا معا ( قوله في الترتيب ) أي في ترتب وكالتهما وعدم ترتبها ( قوله فالأول ) مبتدأ خبره محذوف كما قدره الشارح أي فالبيع الأول هو الماضي أو خبر لمبتدأ محذوف أي فالماضي بيع الأول ( قوله إلا بقبض ) أي إلا أن يكون بيع الثاني ملتبسا بقبض للمبيع منه وإلا كان الماضي بيع الثاني ( قوله إذا لم يعلم هو ) أي البائع الثاني ( قوله وإلا فالأول ) أي وإلا بأن باعها الثاني وقبضها المشتري منه والحال أن البائع الثاني أو المشتري منه عالم ببيع الأول فالحق فيها للمشتري الأول [ ص: 393 ] قوله كذات الوليين ) أي فإنها لذي العقد الأول ما لم يتلذذ بها الثاني غير عالم بالأول وإلا كانت للثاني ، فإن تلذذ بها الثاني عالما بنكاح الأول كان الحق فيها للأول .

( قوله بخلاف النكاح ) أي أن الوليين إذا عقدا عليها في وقت واحد فإن النكاحين يفسخان لعدم قبول النكاح للشركة ( قوله ، وإن جهل الزمن ) أي أنه وقع ترتب بين بيع الموكل والوكيل لكن لم يعلم هل البائع أولا الموكل أو الوكيل فقد وقع الجهل في الزمن الذي باع فيه هذا وهذا .

وقوله فلمن قبض أي فالسلعة تكون لمن قبضها ، فإن لم يقبضها أحد من المشتريين اشتركا فيها إن رضيا وإلا اقترعا لدفع ضرر الشركة وإنما قيل بالقرعة عند جهل السابق دون ما إذا عقدا معا ; لأنه عند جهل السابق الحق في الواقع لأحدهما والتبس بخلاف ما إذا عقدا معا فإنه لا وجه فيها للقرعة وفهم من قوله بعت أن الإجارة ليست كذلك والحكم أنها للأول سواء حصل قبض لمن استأجر أولا أو لمن استأجر ثانيا أو لم يحصل قبض قاله ابن رشد وقال أبو الحسن قال المازري على أن قبض الأوائل قبض للأواخر يكون القابض أولا أولى وعلى أنه ليس قبضا للأواخر تكون للأول انظر بن .

( تنبيه ) كلام المصنف فيما إذا باع الموكل والوكيل ، وأما لو باع الوكيلان شيئا ووكلا مرتبين أو معا وشرط لكل الاستقلال ففي عبق أن المعتبر البيع الأول ولو انضم لذلك قبض والذي ذكره الشيخ أحمد الزرقاني أنهما كبيع الوكيل والموكل واختاره بن تبعا للمسناوي ورد ما قاله عبق من الفرق وهذا إذا باع الوكيلان مرتبين ، فإن باعا معا أو جهل السابق فبيعهما كبيع الموكل والوكيل اتفاقا ( قوله جبرا على المسلم إليه ) أي ولا حجة للمسلم إليه مع وجود البينة إذا قال لا أدفع إلا لمن أسلم إلى ( قوله ولو أقر المسلم إليه إلخ ) فلا تقبل شهادته على المعتمد ; لأنه يتهم على تفريغ ذمته ، وإن كان قادرا على تفريغها بالدفع للحاكم ; لأن الدفع للحاكم يتوقف على إثبات فصول متعددة وهذا هو الراجح وقيل تقبل شهادة المسلم إليه ; لأنه قادر على تفريغ ذمته بالدفع للحاكم حيث كان الوكيل المسلم غائبا .

( قوله يا موكل ) تسميته بموكل باعتبار الدعوى فقط ( قوله ونحوه ) أي كوقف أو هبة أو صدقة ( قوله فالقول لك بيمين ) إنما حلف في هذه المسألة لتقوي جانب الوكيل بتصديق الموكل له على الإذن بخلاف الأولى فإن الموكل لم يصدقه فيها على الإذن ( قوله صفة له ) أي للإذن ( قوله بل في رهنه ) أي أو إجارته ( قوله إلا أن يشتري إلخ ) صورته وكلته على شراء سلعة ودفعت له الثمن فاشترى به سلعة فزعمت أنك أمرته بشراء غيرها فالقول للوكيل مع يمينه فإذا حلف لزمت السلعة الموكل وسواء كان الثمن المدفوع للوكيل باقيا بيد البائع أو لا وسواء كان مما يغاب عليه أو لا وتقييد خش وعبق الثمن في هذه المسألة بكونه مما يغاب عليه تبعا للشيخ الفيشي ورده شيخنا بأنه لا دليل عليه ( قوله لزمتك السلعة ) أي فهي لازمة للموكل في حالين ما إذا حلف الوكيل وما إذا نكلا معا ( قوله كقوله أمرت ببيعه إلخ ) حاصله أنه إذا وكله على بيع سلعة فباعها بعشرة وادعى أن الموكل أمره بذلك وقال الموكل بل أمرته بأكثر من ذلك فالقول قول الوكيل بيمينه إذا فات المبيع بزوال عينه وأشبه قول ذلك الوكيل سواء أشبه الموكل أم لا وكذا إن لم يفت والحال أنه لم يحلف الموكل ، فإن حلف الموكل كان القول قوله ، والقول قول الموكل بيمينه إذا فات المبيع وأشبه قوله وحده أو لم يشبه واحد منهما ، وكذا إن لم يفت وحلف فتخلص أن القول للموكل في ثلاث مسائل وهي ما إذا فات المبيع بزوال عينه وأشبه [ ص: 394 ] الموكل وحده أو لم يشبه واحد منهما أو كان المبيع قائما وحلف والقول للوكيل في ثلاث أيضا فوات المبيع أشبه الموكل أم لا أو لم يفت ولم يحلف الموكل والثلاثة الأخيرة وهي التي القول فيها للوكيل مستفادة من قول المصنف كقوله أمرت إلى قوله ولم تحلف والثلاثة الأول التي القول فيها للموكل مستفادة من مفهومه فالصورتان الأوليان من تلك الثلاثة الأول مستفادة من مفهوم وأشبهت والثالثة من تلك الثلاثة مستفادة من مفهوم ولم تحلف ( قوله مجاز ) والأصل أشبه الوكيل في دعواه أنه أمره بعشرة ( قوله في الصورتين ) أي المستثناتين وهما قوله إلا أن يشتري بالثمن فزعمت أنك أمرته بغيره وقوله كقوله أمرت ببيعه بعشرة إلخ .

( قوله ، فإن حلفت ) أي والحال أنه لم يفت فالقول قولك ولو لم تشبه ; لأن الأصل بقاء ملكه على سلعته فمن أحب إخراجها عن ملكه كان مدعيا فعليه الإثبات وهذا بيان لمفهوم قوله ولم تحلف ثم حيث كان القول للموكل فيحلف ويأخذ ما ادعاه وهو القدر الزائد على العشرة في الفرض المذكور وهذا إذا فاتت السلعة أو كانت قائمة ولم يأخذها ورضي الوكيل بدفع الزائد ، وأما إن لم يرض فيتعين أخذ الموكل السلعة وليس له أن يجيز البيع ويجيز الوكيل على دفع الزائد على المعتمد فلو أراد المشتري أخذها بما قال الموكل فهل يجيز الموكل على ذلك أو لا ؟ قولان انظر ح ، فإن كان القول قوله أي الموكل ولم يحلف دفع الوكيل العشرة فقط وهل بيمين أو لا قولان وعلى الأول ، فإن نكل غرم ما ادعاه الموكل على المعتمد فقول الموكل مقبول في حالتين ما إذا حلف أو نكلا معا ( قوله وهذا عند فقد البينة ) أي للموكل والوكيل وأما إن كان لأحدهما بينة عمل بها .

( قوله أي بجارية ) يعني غير الموكل فيها فهو كقولك عندي درهم ونصفه وليس ضمير بها راجعا للجارية الموكل على شرائها لقوله هذه لك والأولى وديعة ، ولو قال المصنف فبعث بجارية كان أحسن ; لأن النكرة إذا أعيدت بلفظ النكرة كانت غير الأولى ( قوله وقال هذه لك ) أي هذه هي التي اشتريتها لك بدراهمك ( قوله والأولى وديعة ) أي أرسلتها وديعة عندك ( قوله ، فإن لم يبين ) أي الوكيل لك حين بعث الأولى مع الرسول أو مع غيره أنها وديعة وأشار الشارح بهذا إلى أنه ليس المراد بالبيان في كلام المصنف إقامة البينة بل إرساله لمن وكله أنها وديعة ( قوله وكذا إذا لم يعلمك الرسول ) أي وكذا إذا بين للرسول ولم يعلمك الرسول بذلك ( قوله وحلف ) فإن نكل الوكيل عن اليمين لم يأخذ الأولى بل تلزم الموكل ويخير الموكل في الثانية إن شاء أخذها أيضا ، وإن شاء ردها ا هـ عدوي .

( قوله ، فإن بين ) أي للرسول أنها وديعة وبلغه الرسول ذلك أخذها بلا يمين سواء وطئت أم لم توطأ وإذا وطئها مع البيان من غير أن يشهد بينة عند الإرسال أنها وديعة فذكر بعضهم أنه يحد ; لأنها مودعة وذكر بعضهم أنه لا حد عليه لاحتمال كذب المبلغ وللخلاف في قبول قول المأمور أنه قد اشتراها لنفسه وهاتان شبهتان ينفيان عنه الحد وهذا القول الثاني استظهره المسناوي كما قال بن واقتصر عليه البدر القرافي ( قوله كأن لم يبين ولم توطأ إلخ ) الحاصل أنه إن بين مع الرسول أو غيره أن الأولى وديعة أخذها بلا يمين وطئت أم لا ، وإن لم يبين أو لم يعلمك الرسول أخذها بيمين إن وطئت وبغير يمين إن كانت لم توطأ .

( قوله إلا أن تفوت عند البيان وعدمه ) أشار بهذا إلى أن الاستثناء من المنطوق والمفهوم معا كما هو الصواب فكأنه قال ومحل أخذه لها بيمين إن لم يبين وبلا يمين إن بين ما لم تفت بما ذكر ، فإن فاتت بما ذكر لم يكن له أخذها لا من أخذها عند عدم البيان الذي هو المنطوق كما قاله بعض الشراح تبعا للبدر القرافي ; لأنه يقضي أنه لو بين ولم يشهد بينة فإنه يأخذها ولو فاتت والحق أنها متى فاتت بكولد لم يكن له أخذها بين أم لا كما هو مفاد المدونة ( قوله فالاستثناء منقطع ) صوابه متصل كما في بن ( قوله وتكون للموكل ) أي بالثمن الذي سماه فإن ادعى المأمور زيادة يسيرة قبل قوله كما تقدم في قوله إلا كدينارين في أربعين [ ص: 395 ] قوله بذهاب عينها ) أي بالموت ( قوله أنها له ) أي أو أنها وديعة عند المرسل إليه ( قوله ولو لم يبين الرسول إلخ ) أي هذا إذا بين له الرسول أنها وديعة مع وجود البينة التي أشهدها الوكيل بل ولو لم يبين له ذلك ( قوله أخذها ) أي الوكيل وأعطاك الثانية ( قوله ; لأن الموكل متعد حينئذ ) أي فالولد ابن زنا لسيد أمه وقوله قيمة الولد أي وليس له أخذه ; لأنه حر نسيب للشبهة .

والحاصل أن الصور أربع لا بيان ولا بينة البيان بدون البينة البينة بدون بيان البينة والبيان ففي الثلاث الأول ليس وطؤه زنا بل وطء شبهة فلا حد فيها ولا يأخذ الولد ، نعم تؤخذ قيمته في الثالثة وفي الأوليين تفوت بالإيلاد فلا تؤخذ هي ولا ولدها ولا قيمته والوطء في الرابعة زنا يوجب الحد ويأخذ الوكيل الولد .

( قوله يوم الحكم ) أي بأخذها ( قوله ولزمتك يا موكل الأخرى في المسألتين ) هذا تصريح بما علم التزما وذلك ; لأن المستفاد مما تقدم أنه يقبل قول الوكيل وإذا قبل لزم من ذلك أن الموكل يلزمه ما اشتراه له وكيله ( قوله إذا لم يبين وحلف وأخذها ) وكذا إذا بين وأخذها بدون يمين ( قوله وما إذا قامت بينة ) أي على دعواه أشهدها عند الإرسال وأخذها سواء كان مع تلك البينة بيان أم لا ، وأما إذا لم يأخذ الوكيل الأولى لكونه لم يبين ونكل عن اليمين فالموكل مخير في الثانية إن شاء أخذها ، وإن شاء ردها مع لزوم الأولى له ( قوله وبعث بها ) أي واشتراها وبعث بها ( قوله إن حلف ) شرط في قوله خيرت في أخذها بما قاله وردها ومحل حلفه إن لم تقم بينة بما اشترى وإلا خير الموكل من غير يمين الوكيل في أخذها بما قال أو ردها .

والحاصل أنها إذا لم تفت يخير الموكل فيها في حالتين الأولى ما إذا كان للوكيل بينة بالشراء بالمائة والخمسين ، والثانية إذا لم تكن له بينة بذلك ولكن حلف عليه ، ومحل التخيير في هاتين الحالتين ما لم يطل الزمان بعد قبضها بلا عذر ، فإن طال الزمان بعد قبضها ولم يكن للوكيل عذر يمنعه من طلب الزيادة لم تقبل دعواه الزيادة ( قوله لتفريطه بعدم إعلامه ) أي بما قال من الزيادة حتى فاتت أي فصار كالمتطوع بتلك الزيادة ( قوله ولا شيء عليك ) إذا رددتها عليه ( قوله بما تقدم ) أي بتدبير أو استيلاد أو عتق أو كتابة أو موت ( قوله وإن ردت دراهمك ) أي ، وإن رد المسلم إليه دراهمك للوكيل التي دفعتها له ليسلمها لك في شيء ( قوله ، فإن عرفها مأمورك ) أي وكيلك ( قوله لزمك بدلها ) سواء قبلها مأمورك أو خالف الواجب ولم يقبلها ; لأنه متى عرفها المأمور وجب عليه قبولها كما لبن وشيخنا .

( قوله ما وقعت فيه الوكالة ) أي وهو المسلم فيه من طعام ونحوه ( قوله تأويلان ) المذهب منهما الأول وهو مبني على أن الوكيل لا ينعزل بمجرد قبض الموكل للشيء الموكل عليه والثاني مبني على عزل الوكيل بمجرد قبض الموكل ما وكل عليه وحينئذ فلا يسري عليه قوله أنها دراهم موكله والتأويل الأول لابن يونس والثاني نقله ابن يونس عن بعضهم وعلى التأويل الثاني فهل لا يلزم الوكيل أيضا إبدالها أو يلزمه إبدالها كما إذا قبلها ولم يعرفها والأول هو المطابق للنقل كما في عبق ( قوله ، وأما هو فيلزم مطلقا ) أي فيلزم الموكل بدلها حيث قال ذلك الوكيل أنها دراهمك وسواء قبضت المسلم فيه أم لا وذلك ; لأن المفوض لا ينعزل بمجرد قبض الموكل ما وكل فيه اتفاقا ( قوله حلفت أيها الآمر ) أي وغرم الوكيل بدلها لقبوله إياها فالخسارة إنما جاءت عليه وحده كما قال المصنف ( قوله وهل تحلف مطلقا ) أي لاحتمال نكولك فتغرم بمجرد النكول ; لأنها يمين تهمة ولا يغرم الوكيل ( قوله وإنما تحلف لعدم المأمور ) أي عند عسره لا عند يسره أي ; لأن من حجة [ ص: 396 ] الآمر أن يقول للوكيل عند يسره أنت قد التزمت الثمن بقبولك له فلا تباعة لك ولا للبائع علي ( قوله وذكر مفعول حلفت ) أي المعدى له بحرف الجر المحذوف أي على أنك ما دفعت إلخ فاندفع ما يقال إن حلف لازم ( قوله ما دفعت إلا جيادا في علمك ) ظاهره أنه يحلف على نفي العلم ولو صيرفيا ( قوله ولا تعلمها من دراهمه ) إنما احتاج لزيادة ذلك ; لأنها قد تكون جيادا في علمه حين الدفع ولكن يعرف الآن أنها من دراهمه ( قوله ; لأنه إنما يقول إلخ ) علة لقوله بالمعنى .

( قوله ، وأما المصنف فبفتحها ) أي ; لأنه يخاطب الموكل ( قوله تأويلان ) نقلهما عياض ولم يعزهما وعزا المواق الثاني لأبي عمران انظر بن .

( قوله كذلك ) أي كحلف الموكل في الصورة الأولى ( قوله فكل من الآمر والوكيل يحلف ) أي فإذا حلفا ضاعت الدراهم على المسلم إليه ( قوله وللآمر ) أي بعد غرمه للبائع ( قوله ، فإن نكل البائع ) أي كما نكل الآمر ( قوله وليس له ) أي للبائع حيث نكل هو والآمر ( قوله وأغرمه ) أي وأغرم البائع المأمور ، وقوله ثم هل له أي ثم بعد غرم المأمور للبائع هل للمأمور تحليف الآمر أو لا قولان ( قوله ذكره ) أي هذا التفصيل الرجراجي




الخدمات العلمية