الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 438 ] يصح تعليق التقرير في الوظائف فلو قال القاضي إن مات فلان أو شغرت وظيفة كذا فقد قررتك فيها صح ليس للقاضي عزل الناظر بمجرد شكاية المستحقين [ ص: 439 ] حتى يثبتوا عليه خيانة وكذا الوصي والناظر إذا آجر إنسانا فهرب ومال الوقف عليه لم يضمن ولو فرط في خشب الوقف حتى ضاع ضمن .

[ ص: 438 ]

التالي السابق


[ ص: 438 ] مطلب يصح تعليق التقرير في الوظائف

( قوله : يصح تعليق التقرير في الوظائف ) هذا ذكره في أنفع الوسائل تفقها أخذا من جواز تعليق القضاء والإمارة بجامع الولاية فلو مات المعلق بطل التقرير ، وهو تفقه حسن أشباه . قلت : ودليله من السنة ما في صحيح البخاري من " { أنه صلى الله عليه وسلم أمر في غزوة مؤتة زيد بن حارثة وقال صلى الله عليه وسلم إن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة } " الحديث ، ثم رأيت الإمام السرخسي في شرح السير الكبير ذكر الحديث دليلا على ذلك وقال فيه أيضا ما حاصله : لو جاء مع المدد أمير وعزل الأمير الأول بطل تنفيله فيما يستقبل لزوال ولايته بالعزل ، لا لو مات أميرهم فأمروا عليهم غيره لأن الثاني قائم مقامه إلا إذا أبطله الثاني أو كان الخليفة قال لهم إن مات أميركم فأميركم فلان فإنه يبطل تنفيل الأول لأن الثاني نائب الخليفة بتقليده من جهته فكأنه قلده ابتداء فينقطع رأي الأول برأي فوقه ا هـ ملخصا .

وحاصله : بطلان تنفيل الأمير بعزله وكذا بموته إذا نصب غيره من جهة الخليفة لا من جهة العسكر إلا إذا أبطله الثاني ، ولا يخفى أن التنفيل بقوله من قتل قتيلا فله سلبه فيه تعليق استحقاق النفل بالقتل ، ففيه دليل على قوله ، فلو مات المعلق بطل التقرير ويدل أيضا على بطلانه بالعزل ، بقي هل له الرجوع قبل الموت أو الشغور ، فالذي حرره في أنفع الوسائل أنه لا يصح عزله لأن المعلق بالشرط عدم قبل وجود الشرط والتعليق ليس بسبب للحال عندنا ، وفرق بين هذه المسألة وبين ما لو وكله وكالة مرسلة ثم قال له : كلما عزلتك فأنت وكيل في ذلك وكالة مستقبلة ، ثم قال : عزلتك في تلك الوكالة كلها فروي عن محمد أنه ينعزل عن المعلقة ، وعن أبي يوسف لا ينعزل ووجه الفرق أن التعليق عند محمد حصل في ضمن الوكالة المنجزة ، فصار المجموع سببا ، وقد يثبت ضمنا مالا يثبت قصدا فلا يمكن أن يقول هنا بصحة العزل لأنه قصدي فيبقى جواب محمد وجواب أبي يوسف هنا واحدا في أنه لا يصح العزل هذا خلاصة ما أطال به .

قلت : لكن علمت أن للأمير الثاني إبطال التنفيل ، والظاهر أن الأول كذلك فكذا يقال هنا لو رجع عن التعليق يصح لأنه قبل موت فلان ليس عزلا بلا جنحة لأنه لا يتقرر في الوظيفة إلا بعد موت فلان ، وقبله لم يثبت له استحقاق فيها إذ لو ثبت لم يبطل التقرير بموت المعلق فافهم ( قوله : أو شغرت ) بفتح الشين والغين المعجمتين أي خلت عن العمل ، والبلد الشاغر الخالية عن النصر والسلطان ط . مطلب ليس للقاضي عزل الناظر

( قوله : ليس للقاضي عزل الناظر ) قيد بالقاضي لأن الواقف له عزله ولو بلا جنحة به يفتى كما قدمناه عند قوله وينزع لو غير مأمون ، وقدمنا هناك عن الأشباه أنه لا يجوز للقاضي عزل الناظر المشروط له النظر بلا خيانة ولو عزله لا يصير الثاني متوليا ، ويصح عزله لو منصوب القاضي وأنه في جامع الفصولين قال : لا يملك القاضي عزله مطلقا إلا لموجب وتقدم تمامه وأنه في البحر أخذ منه عدم العزل لصاحب وظيفة إلا بجنحة أو عدم أهلية وقدمنا هناك أيضا بعض موجبات العزل ، وأحكام الفراغ والتقرير في الوظائف . [ ص: 439 ] مطلب للقاضي أن يدخل مع الناظر غيره بمجرد الشكاية

( قوله : حتى يثبتوا عليه خيانة ) نعم له أن يدخل معه غيره بمجرد الشكاية والطعن كما حرره في أنفع الوسائل أخذا من قول الخصاف إن طعن عليه في الأمانة لا ينبغي إخراجه إلا بخيانة ظاهرة ، وأما إذا أدخل معه رجلا فأجره باق وإن رأى الحاكم أن يجعل ذلك منه شيئا فلا بأس وإن كان المال قليلا ، فلا بأس أن يجعل للرجل رزقا من غلة الوقف ويقتصد فيه ا هـ ملخصا . وسيأتي حكم تصرفه عند قوله ولو ضم القاضي للقيم ثقة إلخ ( قوله : وكذا الوصي ) أي وصي الميت ليس للقاضي عزله بمجرد الشكاية ، بخلاف الوصي ومن جهة القاضي كما سيأتي في بابه آخر الكتاب ( قوله : إذا آجر إنسانا ) أي وامتنع عن مطالبته بزازية ( قوله ولو فرط في خشب الوقف إلخ ) وعلى هذا إذا قصر المتولي في عين ضمنها إلا فيما كان في البحر ، فلو ترك بساط المسجد بلا نفض حتى أكلته الأرضة ضمن إن كان له أجرة ، وكذا خازن الكتب الموقوفة كما في الصيرفية ط عن الحموي والبيري .




الخدمات العلمية