الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ والفرع السابع ] ( و ) الفرع السابع ( ما رواه عن أبي هريرة ) بكسر تاء التأنيث ، - رضي الله عنه - ( محمد ) أي : ابن سيرين ( و ) رواه ( عنه ) أي : عن ابن سيرين ( أهل البصرة ) بفتح الموحدة على المشهور ، ( وكرر ) أي : ابن سيرين أو الراوي من البصريين عنه ( قال بعد ) أي : بعد أبي هريرة ; بأن قال بعده : " قال : قال " بحذف فاعل " قال " الثاني .

مثاله ما رواه الخطيب في الكفاية من طريق دعلج ، ثنا موسى بن هارون هو الحمال ، بحديث حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال : الملائكة تصلي على أحدكم ، ما دام في مصلاه .

وقد رواه كذلك النسائي في الكبرى ، عن عمرو بن زرارة ، عن إسماعيل ابن علية ، عن أيوب ، ومن [ ص: 167 ] حديث النضر بن شميل عن عبد الله بن عون ، كلاهما عن ابن سيرين ( فالخطيب روى ) عن موسى المذكور ( به ) أي : في الآتي كذلك ( الرفع ) ، فإنه قال : إذا قال حماد بن زيد والبصريون : قال : قال ، فهو مرفوع .

وقال الخطيب عقبه : قلت للبرقاني : أحسب أن موسى عنى بهذا القول أحاديث ابن سيرين خاصة ، فقال : كذا يجب .

قال الخطيب : ويحققه وساق من طريق بشر بن المفضل عن خالد ، قال : قال محمد بن سيرين : كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع ، ولذلك أمثلة كثيرة ، منها ما رواه البخاري في المناقب من ( صحيحه ) ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد به إلى أبي هريرة قال : قال : أسلم ، وغفار ، وشيء من مزينة . . . الحديث .

وروى غيره من حديث عبد الوارث عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال : قال : إذا اشتد الحر ، فأبردوا بالصلاة .

( وذا ) أي : الحكم بالرفع فيما يأتي عن ابن سيرين بتكرير " قال " خاصة - ( عجيب ) ; لتصريحه بالتعميم في كل ما رواه عن أبي هريرة ، بل لولا ثبوت هذا القول عنه ، لم يسغ الجزم بالرفع في ذلك ; إذ مجرد التكرير من ابن سيرين وغيره على الاحتمال ، وإن كان جانب الرفع أقوى .

فقد وجدنا الكثير مما جاء عن غير ابن سيرين كذلك جاء بصريح الرفع في رواية أخرى ; كحديث شعبة عن إدريس الأودي عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال : لا يصلي أحدكم وهو يجد الخبث .

وحديث زيد بن الحباب عن أبي المنيب عن ابن بريدة عن أبيه قال : قال : الوتر حق ، فمن لم يوتر فليس منا .

[ ص: 168 ] وحديث أبي نعامة السعدي ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : قال : كيف أنتم - أو قال : كيف أنت - إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة . . . الحديث - فآخرها جاء من حديث أبي العالية البراء عن ابن الصامت بصريح الرفع ، والأولان ذكر الخطيب مع قوله : شبه فيهما الرفع ، أنهما جاءا من طريقين آخرين مرفوعين .

خاتمة : لو أريد عزو لفظ مما جاء بشيء من كنايات الرفع وما أشبهها على ما تقرر في هذه الفروع بصريح الإضافة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ممنوعا ، فقد نهى أحمد بن حنبل الفريابي ، وابن المبارك عيسى بن يونس الرملي عن رفع حديث : حذف السلام سنة .

وقال المصنف بعد حكايته في تخريجه الكبير لـ ( الإحياء ) ما حاصله : المنهي عنه عزو هذا القول إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لا الحكم بالرفع . انتهى . [ وكأنه للتنزيه إن لم يمنعا الرواية بالمعنى ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية